تمرير

السودان: منظمة أطباء بلا حدود تستخدم الجمال والحمير للوصول إلى القرى الجبلية النائية في دارفور

31 مايو 2021
قصة
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

"كان الوضع هنا صعبًا للغاية: إذ لم يكن لدى سكان قرية ديلي إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية لعدة سنوات" يقول محمد عبد الله جمعة، وهو زعيم مجتمعي من قرية ديلي، الكائنة في جبل مرة في منطقة دارفور في السودان.

لقد عانت دارفور عقودًا من الصراع، وبينما تغير الكثير بعد تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة في السودان، إلا أن الوضع الأمني العام لا يزال هشًا، ولا تزال الاشتباكات العنيفة تدور بين الحكومة ومختلف الجماعات المسلحة والقبلية، لا سيما في منطقة جبل مرة وما حولها، التي تمتد على أجزاء من ولايات شمال ووسط وجنوب دارفور. كانت المنطقة منذ عام 2003 هي المعقل الرئيسي لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور. وباعتبارها منطقة نزاع نشطة، فقد كانت المكان الوحيد في دارفور الذي ظل منطقة محظورة على عمال الإغاثة - حتى وقت قريب جدًا.

منذ مارس / آذار 2021، كان فريق من منظمة أطباء بلا حدود يدير عيادة في جنوب جبل مرة،يقدم رعاية صحية مجانية للأشخاص الذين يعيشون في جميع أنحاء ولاية جنوب دارفور. يأتي المرضى من أكثر من 60 قرية مختلفة، إذ يسافر بعضهم لمدة تصل إلى 10 ساعات على ظهور الحمير للوصول إلى العيادة.

أما بالنسبة لفريق أطباء بلا حدود، فإن الوصول إلى العيادة يتطلب مسافة ثلاث ساعات بالسيارة من مركز أطباء بلا حدود في نيالا، تليها رحلة لمدة ساعتين على ظهور الحمير في مسارات ضيقة وصخرية، ويتم نقل جميع مستلزمات العيادة على ظهور الحمير أو الإبل.

تقول منسقة مشروع منظمة أطباء بلا حدود، آنا بيلوند، "يسعدنا أنه بعد عدة سنوات من التفاوض مع السلطات وزعماء القبائل، تمكنا من إنشاء عيادة في قرية ديلي لتلبية الاحتياجات الماسة لهؤلاء السكان المهملين. ومع ذلك، فإن العديد من الاحتياجات غير الملباة مثل الطعام والتعليم لا تزال متاحة للأشخاص في المجتمعات والقرى المحيطة بقرية ديلي.”

يتحدث الناس في المجتمع عن السنوات التي عاشوها تقريبًا بدون الحصول على أي رعاية صحية. حيث اضطرت النساء اللواتي كن في طور المخاض إلى السفر على ظهر الحمار إلى المستشفى الريفي الموجود في كاس لمدة 5 ساعات تقريبًا أو أن يتم حملهن على السرير بواسطة نساء أخريات. لم يصل عدد كبير من النساء إلى المستشفى في الوقت المناسب وأنجبن على الطريق.

يقول محمد عبد الله جمعة: "كانت الأمراض المختلفة تنتشر وكانت معدلات الوفيات بين الأمهات مرتفعة بالفعل. وغالبًا ما يضطر الناس إلى السفر لمسافات طويلة، وحتى في هذه الحالة، قد لا يجد المرء دواء أو قد يموت المريض في الطريق، حيث فقدت العديد من النساء الحوامل حياتهن أثناء نقلهن إلى المدن التي كان يتوفر فيها شكل من أشكال العلاج الطبي". كما كان موظفو منظمة أطباء بلا حدود قد سمعوا قصصاً عن عمليات بتر تتم بمنشار خشبي.

تقول ماجدولا أبكر، وهي شابة من قرية تيل، "كان الحصول على الأدوية هنا عبارة عن تحدٍ كبير. ففي حال تدهورت حالة المريض، كان الأقارب يأخذونه إلى مدينة كاس، البعيدة جدًا، أو كانوا يعطون المريض أدوية تقليدية. حيث كانوا في الغالب يأخذون المريض إلى رجل متدين ليقوم بكتابة بعض الآيات القرآنية على لوح خشبي ثم يغسل هذا اللوح بالماء ليشربه المريض. كان الوضع صعبًا للغاية بالنسبة لنا. ولكن الآن ولحسن الحظ، لدينا عيادة هنا تزودنا بالأدوية".

قصدت مجدولا العيادة لطلب العلاج لنفسها وطفلها. حيث تقول: "لقد استغرقنا ثلاث ساعات على ظهور الحمير للوصول إلى العيادة. أخبرني أحد الزعماء المجتمعيين عن ذلك. لقد جئت إلى هنا لأنني أعاني من مشاكل في المعدة بينما يعاني طفلي من سوء التغذية لأنه ليس لدي حليب لأرضعه".

تقدم عيادة أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الأساسية ورعاية الأم والرعاية الغذائية بمتوسط 150 إلى 200 استشارة في اليوم. وفي الشهرين الماضيين منذ افتتاح العيادة، قدم الطاقم الطبي أكثر من 6300 استشارة خارجية و500 فحص قبل الولادة وفحص 106 أطفال للكشف عن سوء التغذية الحاد وفحص 173 طفل للكشف عن لسوء التغذية متوسط الحدة.

كما يعتبر الإسهال الحاد أحد الأمراض الرئيسية في المنطقة، لذلك تعمل منظمة أطباء بلا حدود على تحسين نوعية المياه والصرف الصحي للمجتمع المحلي. كما يقوم الفريق أيضًا بأنشطة تعزيز الصحة والنظافة والمشاركة المجتمعية.

وساعد القرويون في قرية ديلي والمناطق المحيطة بها فريق منظمة أطباء بلا حدود على إنشاء العيادة وقاموا بتسخير الجِمال والحمير لجلب الإمدادات الطبية.

تقول آنا بيلوند: "ما أثّر فيّ حقًا هو قبول المجتمع المحلي وترحيبهم الحار جدًا. حيث كان السكان ينتظرونا وليس هناك شك في أن الرعاية الصحية الإنسانية ستكون مطلوبة في هذه المنطقة. ومن جانب منظمة أطباء بلا حدود، من المهم أن نعمل جنبًا إلى جنب مع المجتمع لفهم احتياجاتهم ومحاولة الدفاع عن السكان الذين انقطعت عنهم الرعاية الصحية تمامًا منذ عقود".

-----------------------------------

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في السودان منذ عام 1978. حيث تقدم فرقنا حاليًا الرعاية الطبية في كل من الخرطوم ووسط وشرق وجنوب وغرب دارفور وكسلا والقضارف والنيل الأبيض. بالإضافة إلى العيادة في قرية ديلي، تدير منظمة أطباء بلا حدود مشروعًا مشابهًا في موقع أومو بجبل مرة. كما تطلق منظمة أطباء بلا حدود استجابات منتظمة للطوارئ في أماكن أخرى من البلاد.

منظمة أطباء بلا حدود هي جمعية دولية خاصة تتكون من موظفين سابقين وحاليين في منظمة أطباء بلا حدود بما في ذلك الأطباء والممرضات والعاملين في مجال الرعاية الصحية والموظفين غير الطبيين. تقدم منظمة أطباء بلا حدود المساعدة الطبية والإنسانية للأشخاص في الأزمات، ولضحايا الكوارث الطبيعية أو تلك التي من صنع الإنسان وضحايا النزاعات المسلحة، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو العقيدة أو المعتقدات السياسية.