تمرير

الكل بحاجة إلى مرحاض

29 أبريل 2021
قصة
شارك
طباعة:

يقول باول كابريرا، مستشار الإنشاءات والملاجئ في منظمة أطباء بلا حدود - مركز عمليات برشلونة، الذي أعدّ أول دليل إرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة صادر عن أطباء بلا حدود ومُخصّص للقائمين على أعمال البناء والإنشاءات: "إنه بسيط جداً لكنه الخطوة الأولى". إذ يأمل أن يرى مستقبلاً المزيد من المراحيض المتاحة وبشكل عام المزيد من مرافق الرعاية الصحية المتاحة في منظمة أطباء بلا حدود.

وحين سُئل عن الحافز الذي دفعه لإعداد الدليل الإرشادي، لم يتردد في الإجابة فقال:

"أطباء بلا حدود منظمة إنسانية دولية مستقلة. ومن مبادئنا الجوهرية مساعدة الناس حين يواجهون المحن بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم السياسية أو بلدانهم الأصلية. ومن الطبيعي أن نحرص في خطوتنا التالية على تأمين الرعاية للجميع. وهنا يمكنني أن أسهم في إحداث التغيير باعتباري مهندساً معمارياً".

بدأ كابريرا عمله في مجال الإغاثة عام 2004 ثم تسلّم مهام مستشار الإنشاءات والملاجئ في 2009. فقد عمل مع أطباء بلا حدود في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي وليبيريا وباكستان في مجال الإنشاءات والبناء والخدمات اللوجستية.

وقد ساعدته خبرته التي أكسبته إياها تلك المشاريع في بلورة دليل إرشادي عملي.

ويضيف كابريرا قائلا: "لا يوجد مهندسون معماريون في مشاريعنا في معظم الأحيان. ولهذا كان لا بد للدليل الإرشادي أن يكون بسيطاً كي يتسنى لكل من يعمل على الإنشاءات والبناء اتباعه. لكن هذا الدليل يخدم في الوقت ذاته غرضاً آخر، إذ يسهم في التوعية بقضايا الإتاحة وذوي الإعاقة".

بدأ المشروع بتصنيف الوثائق التي تتناول مساءل الإتاحة والمعتمدة في منظمة أطباء بلا حدود ثم مقارنتها بتلك التي تعتمدها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة معماريون بلا حدود.

ونظراً لأن معظم الإرشادات تتعلق ببناء دورات المياه والحمامات المتاحة، فقد عمل كابريرا بشكل مباشر مع مستشاري المياه والصرف الصحي الذين أسهموا بخبراتهم في هذا المجال.

ثم جاءت جائحة كوفيد لتقدم الدفعة الأخيرة من الدعم للمشروع حين توقف أحد داعمي المشروع المتخصص في الهندسة المعمارية عن العمل نظراً للإغلاق وبالتالي أسهم في إنجاز الدليل.

وقد تشاور كابريرا خلال المراحل النهائية مع زملائه في باقي مراكز العمليات الذين قدموا له آراءهم ليصبح بعدها الدليل جاهزاً للتوزيع على متخصصي الإنشاءات والبناء خلال جلسات الإحاطة التي تسبق انطلاقهم إلى البعثات.

نحو مستقبل يعزز الإتاحة

غالباً ما تعمل أطباء بلا حدود ضمن ظروفٍ تواجه فيها تحديات قد تفرض بعض المصاعب الإضافية على صعيد بناء المرافق.

وقد تكون السلوكيات أحياناً أكبر العوائق التي تحول دون تحقيق أبنية متاحة. فإذا ما كان ذوو الإعاقة غائبين عن أنظار المجتمع، سيصعب علينا تبرير إنشاء ممرات منحدرة لأناسٍ يبدو أن لا وجود لهم.

وتابع كابريرا كلامه قائلاً: "تتحول هذه المسألة إلى حلقة مفرغة. فحين لا تكون المرافق متاحة لن يأتي ذوو الإعاقة. وحين لا يأتي ذوو الإعاقة سيبدو وكأنهم غير موجودين ولن تحصل أية تغييرات لتعزيز إتاحة المرافق".

قد نرى أحياناً اجتماع العقبات الفعلية والسلوكية في الآن ذاته كما هي حال أحد المشاريع الذي كان كابريرا يزوره في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وقد قال في هذا الإطار: "كان المشروع في منطقة نائية جداً وكان يفتقر إلى مواد البناء حيث اضطررنا إلى الارتجال بما كان متوفراً لإنشاء ممر منحدر لعيادتنا. صمّمنا الممر المنحدر في الأساس ليناسب النقّالات، لكن سرعان ما بدأ مستخدمو الكراسي المتحركة والأطفال والنساء باستخدامه. وقد كانت تلك تجربةً مجزية للطواقم".

وهكذا أصبح ذوو الإعاقة مرئيين.

يأمل كابريرا أن تخضع جميع مرافقنا الصحية لمراجعات منتظمة بالتعاون مع المرضى الذين يمكنهم المساعدة في تحديد العوائق التي قد تقف في وجه الرعاية والإسهام في إيجاد حلول للالتفاف عليها. كما أن ثمة هدفاً آخر يتمثل في اعتماد نسبة معينة من المراحيض والحمامات المتاحة في جميع مرافق الرعاية الصحية.

وينصح مشروع إدماج ذوي الإعاقة بالتواصل والتعاون مع منظمات ذوي الإعاقة التي من شأنها أن تقدم رؤى معلومات معمّقة قيمة حول كيفية تعزيز إتاحة المرافق والخدمات التي تدعمها أطباء بلا حدود أمام الأشخاص ذوي الإعاقة.

كما يعمل كابريرا هذا العام على جمع بيانات حول عدد المشاريع التي تحرص على إتاحة مرافق الرعاية الصحية أمام ذوي الإعاقة معتمدةً على تطبيق معايير الإتاحة.

واختتم كابريرا قائلاً: "يسعدني جداً أننا نجحنا أخيراً في أن نولي أهمية أكبر لهذا الموضوع. فقد أدركنا حين كنا نعدل تلك الإرشادات بأننا تأخرنا، إذ كان بإمكاننا فعل هذا قبل وقت طويل".

ههل تعرفون أحداً يعمل في الإنشاءات والبناء في السياقات الإنسانية؟ يمكنكم الاطلاع على الدليل الإرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة باللغة العربية.