تمرير

اليونان: مساعدة "ضحايا العنف" على المضي في حياتهم

14 مايو 2017
آخر
شارك
طباعة:

انطلق مشروع ضحايا العنف في أثينا في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014، وتعمل منظمة أطباء بلا حدود بالشراكة مع المجلس اليوناني لشؤون اللاجئين ومركز يوم بابل لتوفير الرعاية الطبية والنفسية، وكذلك المشورة القانونية والمساعدة الاجتماعية لطالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين الذين عانوا من التعذيب أو العنف الشديد. وثمة حالياً ما يقرب من 60,000 لاجئ "عالق" في اليونان، بينهم من تعرضوا للاضطهاد والتعذيب بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية، أو بسبب العرق أو الجنس أو الهوية الجنسية. ويهدف المشروع إلى استعادة كرامة هؤلاء الأشخاص والاعتناء بصحتهم النفسية والجسدية.

إيوانا كوتسيوني، منسقة مشروع ضحايا العنف لمنظمة أطباء بلا حدود، تتحدث عن المشروع وأهدافه:

أخبرينا المزيد عن مشروع ضحايا العنف

يتولى إدارة المشروع فريق متعدد التخصصات من المهنيين. ومنذ افتتاحه في أكتوبر/تشرين الأول 2014، تم استقبال أكثر من 400 شخص من 38 دولة - من الناجين من التعذيب والعنف الشديد - من قبل منظمة أطباء بلا حدود وشركائنا. وقدمت طواقم المنظمة المساعدة لما لا يقل عن 238 شخصاً. ويتم التعامل مع الحالات بالتعاون مع مجموعة من المهنيين من أطباء وأخصائيي العلاج الطبيعي، وعلماء النفس وأطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين ووسطاء ثقافيين.

التعذيب ليس مرضاً، بل هو تجربة مؤلمة تدمر احترام الذات والكرامة. ولذلك فإنه من المهم جداً مساعدة هؤلاء الناجين على استعادة احترامهم لأنفسهم وثقتهم في الآخرين. ولتحقيق ذلك فإننا نعمل على عدة مستويات. فعلى سبيل المثال، نساعد في عملية طلب اللجوء وذلك من خلال شراكتنا مع منظمة الإغاثة القانونية. وفضلاً عن توفير الرعاية الصحية، فإننا نساعد الناس في الاندماج في المجتمع المضيف وفي تلبية احتياجاتهم اليومية. كما يساعد الأخصائيون الاجتماعيون العاملون معنا على ضمان مأوى للناس وضمان حصولهم على الأساسيات مثل الغذاء، وكذلك مساعدتهم في العثور على عمل.

كما أن لدينا شبكة واسعة جداً من الأطباء والمتخصصين الذين يعملون إما في النظام الصحي الوطني أو في القطاع الخاص، ويقدم العديد منهم هذه الخدمات مجاناً. وبفضل هذا التعاون فإننا نستطيع ضمان علاج أكثر تخصصاً. وعلى سبيل المثال، فإننا نعمل مع أطباء الأسنان وأخصائيي جراحة الوجه والفكين لكي نتمكن من تقديم التعويضات السنية للأشخاص الذين فقدوا أسنانهم نتيجة العنف.

ما هي الاحتياجات الطبية التي تشاهدونها في العيادة؟

لقد تعرض الناجون الذي نستقبلهم للعنف الجسدي والنفسي، فضلاً عن الاعتداء الجنسي. وقد تسببت لهم تلك التجارب المؤلمة في مشاكل صحية مزمنة، سواء على المستوى البدني أو النفسي، لدرجة تحتاج إلى علاج على مدى الحياة. وتعد الأمراض المرتبطة بالعضلات والعظام والجهاز العصبي والجهاز الهضمي أهم المشاكل التي تم تحديدها ويتعامل معها الأطباء. ويعاني نحو 63 في المئة من المرضى من مشاكل متعلقة بالعضلات أو العظام، حيث يعاني العديد منهم من آلام مزمنة. وهناك أيضاً أشخاص لديهم مشاكل جلدية بسبب التعرض للحروق أو للصدمات الكهربائية. وهناك بعض النساء الحوامل بسبب تعرضهن للاغتصاب، فيما تعاني أخريات من مشاكل في الجهاز البولي-التناسلي أو من الأمراض المنقولة جنسياً الناتجة عن الاعتداء الجنسي.

من هم الأشخاص الذين تستقبلونهم في العيادة؟

شهدت الأشهر الثلاثة الماضية ارتفعاً ملحوظاً في عدد الوافدين الجدد على العيادة، حيث كنا نستقبل 40 حالة جديدة كل شهر، وهو ما يمثل زيادة تناهز أربعة أضعاف. ونحن الآن بصدد توسيع قدرتنا وفقاً لذلك. وقد عانى جل المستفيدين من العنف في بلدانهم الأصلية، وهو ما دفع معظمهم إلى الفرار، حيث كانوا يتعرضون للاضطهاد ولمخاطر أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تعرض الكثير منهم إلى العنف خلال رحلتهم، وخاصة حين يمضون فترات طويلة في بلدان العبور مثل ليبيا. كما أن الكثيرين، وخاصة أولئك الذين وصلوا إلى اليونان قبل بضع سنوات، قضوا فترات طويلة في مراكز احتجاز المهاجرين. ويتحدث العديد منهم عن الظروف الصعبة في مراكز الاحتجاز، واصفين ذلك بالتجربة المؤلمة.

"عشت في اليونان لمدة أربع سنوات. يجب علي أن أصطف في الطابور لأحصل على حصتي من الطعام، ولأستعمل الحمام، ولأحصل على مكان أنام فيه، ولأحصل على وثائقي ... إنني أقف في الطابور لكي أشعر أنني إنسان. قل لي إلى متى سيتعين علي أن أقف في الطابور؟

عملتَ في مشاريع منظمة أطباء بلا حدود للاجئين من قبل، ما وجه الاختلاف في هذا المشروع؟

باعتباري منسق المشروع فإني مسؤول عن دعم فريق العاملين في مجال الصحة وغيرهم الذين يتعاملون مباشرة مع ضحايا العنف. وهو مشروع مهم للغاية لي شخصياً وللفريق برمته. هنا لديك فرصة حقيقية للعمل لمدة طويلة مع الناس ومتابعة حالاتهم والتقدم الذي يحرزونه، وكيف يتعاملون مع الاندماج في المجتمع المضيف. هناك أشخاص نتتبع حالاتهم منذ أكثر من عام. كما نتابع حالات معظم الناس على مدى عدة أشهر. ويمكنك حقيقة رؤية الفرق الذي شاركت في تحقيقه لأنك تساهم فعلياً في حياتهم. يتصل بنا بعض المرضى السابقين من بلد أوروبي آخر أو من جزيرة يونانية حيث وجدوا عملاً في الصيف فقط للسؤال عن أحوالنا. لقد ساعدناهم على استعادة الثقة في أنفسهم وعلى المضي قدماً في حياتهم. وهذا عمل مثمر.

ماذا تعلمت من تجربتك حتى الآن؟

أعلم الآن أن التعذيب يمارس على نطاق واسع جداً. يتعرض الناس للتعذيب بشكل ممنهج في العديد من الدول، وفي كثير من البلدان التي تعمل بها منظمة أطباء بلا حدود. وقد بذلت جهود جبارة من قبل المنظمات والجماعات التي تعمل مع الناجين من التعذيب في جميع أنحاء العالم للضغط ليصبح إعادة التأهيل حقا معترفا به قانوناً، كما تنص على ذلك اتفاقية عام 1984 لمناهضة التعذيب. غير أن علينا أن نشجع السلطات والمنظمات لتوفير خدمات إعادة التأهيل. وهذا حق لكافة ضحايا التعذيب، ولكن في دول مثل اليونان، على سبيل المثال، ليس هناك من يقدم الخدمات التي لا توفرها المنظمات غير الحكومية.

"ما نشهده كل يوم هو أن المستفيدين الذين عانوا من التعذيب لا يستطيعون الوصول إلى نظام اللجوء، وهم لا يتوفرون على مأوى وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. ومن الصعب علينا تغطية احتياجاتهم الصحية المزمنة، كما أنهم لا يستطيعون الحصول على الخدمات التي من شأنها أن تساعد على تحسين صحتهم البدنية والعقلية".

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، هل لديك رسالة شخصية تود توجيهها؟

من خلال العمل اليومي مع هؤلاء الناس، تدرك أنهم عانوا الأمرين وأنهم في صراع دائم من أجل الاستمرار في الحياة، يجب أن ننتبه إلى أننا لم نرى سوى من استطاعوا الوصول إلى هنا. فكثيرون مازالوا يعانون من التعذيب والعنف في جميع أنحاء العالم، وربما هم يقبعون الآن في سجون بلدانهم ولا يستطيعون الفرار. ينبغي علينا أن لا ننساهم.