تمرير

فيروس كورونا: ما الذي تفعله أطباء بلا حدود؟

16 مارس 2020
قصة
شارك
طباعة:

انتشر وباء كوفيد-19 في أكثر من 100 بلد حتى الآن حول العالم، من بينها بلدان تعاني من ضعف نظام الرعاية الصحية ولدى أطباء بلا حدود فيها حضور قديم، إضافة إلى مناطق كأوروبا، حيث القدرات الصحية أكثر قوة لكن التفشي فيها أكثر شراسة. هذا وتؤثر القيود المفروضة على السفر حول العالم بسبب التفشي في عمل أطباء بلا حدود.

ما هي الأسئلة التي تواجهها أطباء بلا حدود في هذا السياق؟ مقابلة مع كلير ميلز، المديرة الطبية في أطباء بلا حدود.

هل خوفنا من مرض كوفيد-19 في محله؟

هناك عوامل عديدة تجعل من هذا الفيروس مقلقاً بشكل خاص.

كونه فيروساً جديداً، فلا توجد مناعة مكتسبة ضده، ويوجد حالياً 35 لقاحاً مرشحاً قيد الدراسة، لكن الخبراء متفقون على أنه لن يكون هناك لقاح متاح للاستخدام على نطاق واسع قبل ما لا يقل عن 12 إلى 18 شهراً. معدلات الوفيات بالنسبة إلى الحالات، والذي يمكن حسابة فقط بناءً على المرضى المشخصين وبالتالي يصعب تقديره بشكل دقيق حالياً، يبدو قريباً من 1 في المئة. من المعروف أن بعض المتأثرين بالفيروس قد ينقلوه لغيرهم قبل أن تظهر عليهم الأعراض – أو حتى بدون ظهور أعراض. أضف إلى ذلك أن نسبة عالية – نحو 80 في المئة – من الناس يصابون بأشكال معتدلة جداً من المرض، ما يصعّب تحديد وعزل الحالات بسرعة. ويتطلب تأكيد التشخيص قدرات مختبرية أو تصويراً طبياً وهي متوفرة فقط في مرافق الإحالة. لذلك من غير المستغرب أن يستحيل احتواء انتشار الفيروس الذي وصل الآن إلى أكثر من 100 بلد حول العالم. لذلك هذا التفشي مختلف جداً عن تفشيات الأمراض الأخرى كالحصبة أو الكوليرا أو الإيبولا – التي بات لدى أطباء بلا حدود فيها خبرة على مدى العقود القليلة الماضية.

إضافة إلى ذلك، يقدَّر اليوم بأن نحو 15 – 20 في المئة من المرضى المصابين بكوفيد-19 يحتاجون المبيت في المستشفى و 6 في المئة يحتاجون رعاية مركزة لفترة ما بين 3 إلى 6 أسابيع. يمكن لهذا الوضع بالطبع أن يتخم نظام الرعاية الصحية بسرعة – وقد كان هذا هو الوضع في الصين في بداية التفشي، وهو حالياً الوضع في إيطاليا. يوجد حالياً أكثر من 1,100 مريض في وحدات الرعاية المركزة في البلد، والمستشفيات في الشمال، بالرغم من تطورها، لم تعد تكفي أعداد المرضى المتزايدة بسرعة.

وكما هو الحال غالباً أثناء هذا النوع من التفشيات، يكون أفراد الطاقم الصحي أنفسهم عرضة بشكل خاص للإصابة. ما بين منتصف يناير ومنتصف فبراير أصيب في الصين أكثر من 2,000 عامل رعاية صحية بفيروس كورونا (3.7 في المئة من إجمالي المرضى).

ومن المحتمل أن يؤدي تفشي هذا المرض إلى تعطل مرافق الخدمات الطبية الأساسية والطارئة، وعدم إعطاء الأولوية لعلاج أمراض أخرى مهددة للحياة وأمراض أخرى مزمنة معدية في كل مكان.. لكن بشكل خاص في بعض الدول النامية، حيث يعاني النظام الصحي بالأصل من الضعف.

يشعر البعض أن الاستجابة لهذا التفشي رد فعل مبالغ فيه، وأن طرق العلاج – كإغلاق الحدود، والحجر الصحي وغيرها – يحتمل أن تكون أسوأ من المرض نفسه. هل هذا مبرَّر؟

بالرغم من أن التدابير التي تتخذها العديد من الدول حالياً لا يمكنها منع الوباء من الانتشار لكنها تستطيع إبطاءه من خلال خفض ازدياد الحالات وتقليل عدد الحالات الحادة التي على النظام الصحي التعامل معها في الواقت ذاته. والهدف هو ليس فقط خفض عدد الحالات بل أيضاً توزيعها زمنياً لتجنب الاكتظاظ في أقسام الطوارئ والرعاية المركزة.

ما هي أولويات أطباء بلا حدود في هذا السياق، وما هي أهم مخاوفها؟

تتفاوت أولويات التدخل من سياق إلى آخر.

في بعض المناطق التي يبدو أنها نجت من الوباء اليوم، كجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان واليمن، حيث نظم الرعاية الصحية الضعيفة أو المتأثرة بالحرب لا تستطيع بالأصل تلبية الاحتياجات الصحية للسكان، من الضروري حماية طواقم الرعاية الصحية وتقليص مخاطر انتشار الوباء قدر الإمكان. يتم هذا من خلال تطبيق برامج الوقاية – تحديد المناطق أو السكان المعرضين للخطر؛ إجراء أنشطة التوعية والتثقيف الصحي؛ توزيع الصابون والمعدات الواقية لطواقم الرعاية الصحية؛ وتعزيز إجراءات النظافة الصحية في المرافق الطبية – للحيلولة دون أن تصبح مستشفياتنا وعياداتنا أماكن ينتقل منها المرض. ونود أن نسهم في الدول التي لأطباء بلا حدود فيها حضور طويل الأمد في جهود مكافحة كوفيد-19 مع ضمان استمرارية تقديم الرعاية ضد الملاريا والحصبة والعداوى التنفسية وغيرها.

لقد أصاب هذه الاستمرارية الآن ضعف بسبب القيود المفروضة من الحكومات (حظر دخول البلد، العزل الوقائي ل14 يوماً، إلخ.) على الطواقم من بلدان معينة كإيطاليا وفرنسا واليابان التي يأتي منها بعض موظفينا، إضافة إلى إغلاق الحدود وتعليق روابط جوية معينة. وبالرغم من هذه القيود فإن قوتنا تكمن في أننا نستطيع الاعتماد على الطواقم الموظفة محلياً في البلدان التي نتدخل فيها. وهم يشكلون 90 في المئة من طواقمنا الميدانية.

في الدول التي تتمتع بأنظمة صحية أقوى لكن التفشي فيها منتشر بشكل واسع كإيطاليا وإيران، يكمن التحدي الرئيسي في تفادي تحميل قدرات الرعاية في المستشفيات فوق طاقتها.

في هذه السياقات يمكننا الإسهام في جهود الفرق الطبية المحلية بجعل طواقم أطباء بلا حدود متاحة لتقديم الدعم لهم أو مساعدتهم عند الحاجة. يمكننا أيضاً المساعدة بمشاركة خبراتنا في إجراءات الفرز والتحكم في الإصابات التي تقع خلال تفشي الأوبئة.

وقد قدمنا فرقاً لدعم أربعة مستشفيات في شمال إيطاليا كما قدمنا دعماً للسلطات الإيرانية لمساعدتهم في رعاية المرضى ذوي الحالات الشديدة. وتبعاً لتطور التفشي في فرنسا، سنضع خبرتنا وقدراتنا اللوجستية ومعارف طواقمنا في متناول الاستجابة، إن لزم الأمر.

أحد مفاتيح مكافحة كوفيد-19 هو توفير المعدات الواقية، لا سيما الأقنعة والقفازات المستخدمة للفحوص الطبية. وإن توقع النقص يدفع الكثير من الدول للاستحواذ على المواد ما قد يشكل ارتكاساً من جهة الدول لاحتكار هذه الموارد الثمينة. لكن على العكس من ذلك يجب في السياق الحالي أن تُعتبر مثل هذه المعدات مصلحة عامة تستخدم بترشيد وعلى نحو ملائم، وبالتالي أن تُخصَّص كأولوية لعمال الصحة المعرضين للفيروس أينما كانوا في العالم.

بشكل عام، تتطلب هذه الجائحة تضامناً ليس فقط بين الدول بل على جميع المستويات، بناءً على المساعدة المتبادلة والتعاون والشفافية ومشاركة الموارد، والتضامن في المناطق المتضررة مع الفئات الأكثر ضعفاً ومع مقدمي الرعاية.

اعرف أكثر:

مواصلة الأنشطة الطبية خلال جائحة كوفيد-19