تمرير

لُدغت أنا ولم أتمكن من حماية أولادي

28 يناير 2019
قصة
الدول ذات الصلة
باكستان
شارك
طباعة:

الليشمانيا الجلدية مرض يسبب تقرحات جلدية مشوِّهة ومؤلمة، وينتقل عبر لسعة ذبابة الرمل. وإليكم كيف تكافح أطباء بلا حدود هذا المرض المداري المنسي المستوطن حالياً في باكستان.

في غرفة الانتظار في مركز المعالجة في بيشاور تجلس تاج بيبي التي أصيب كافة أفراد عائلتها بالليشمانيا بعد أن تعرضوا للسع من قبل ذبابة الرمل مما ترك لديهم جميعاً تقرحات جلدية مؤلمة.

"زوجي، وأبنائي الأربعة وابنتي الكبرى تعرضوا جميعاً للسع في مصنع الطوب الذي يعملون فيه"
هكذا بدأت تاج بيبي قصتها مع المرض

ثم تابعت قائلة "أما أنا فقد لسعتني ذبابة الرمل وأنا في المنزل وكذلك ابنتي الصغرى، زينة. نحن نعيش في بيئة ملوثة وتفتقر إلى مقومات الصحة والنظافة. العديد من جيراننا أصيبوا بالمرض وأطفالهم أصيبوا أيضاً".

في مايو/أيار افتتحت أطباء بلا حدود رابع مركز لعلاج الليشمانيا الجلدية في باكستان.

وقد استقبل المركز بالفعل أكثر من 800 مريض ويعمل بطاقته القصوى، كما هو حال مراكز علاج أطباء بلا حدود العلاجية الثلاثة الأخرى: وهما اثنان في كويتا وواحد في كوتشلاك.

أطباء بلا حدود حالياً هي المزود الأكبر لعلاج المرض في إقليم بلوشستان في جنوب باكستان، بينما في إقليم خيبر بختونخوا في الشمال، فتعتبر عيادة بيشاور التابعة لأطباء بلا حدود المركز الرئيسي الوحيد الذي يقدم العلاج والتشخيص المجانيين لليشمانيا الجلدية في المنطقة بأكملها.

يؤثر المرض بشكلٍ خاص على سكان المناطق الريفية، أي الأماكن التي تكون فيها الظروف المعيشية سيئة وتفتقر إلى المياه النظيفة وإلى توفر الظروف الصحية بشكلٍ عام وكنتيجةٍ لذلك لا يتم إعطاء الأولوية لهذه المشكلة أو النظر إليها بجدية كإحدى مشاكل الصحة العامة.

التحديات الكبرى المتعلقة بمواجهة هذا المرض في باكستان تتمثل في عدم وجود وعيٍ ومعرفةٍ كافيين حوله بالإضافة إلى نقص الكوادر الطبية المؤهلة والمدربة على التعامل معه، وعدم القيام بجمع البيانات حول مدى انتشار هذا المرض في جميع أنحاء البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأدوية المعالجة للمرض لا تتوفر بالقدر الكافي. إن احتمال انتهاء المخزون من الدواء، الذي يجب أن يُستورَد من الخارج، يشكل تهديداً مستمراً ليس فقط لنجاعة وفعالية مراكز المعالجة كمركز أطباء بلا حدود ولكن أيضاً لصحة الناس الذين يعانون من المرض.

لم يكن لديهم خيار سوى السوق السوداء

حين تم تشخيص المرض لدى تاج بيبي من قبل طبيبٍ محلي قيل لها أنه لا يوجد علاجٌ لهذا المرض في باكستان. وكغيرها من المصابين بهذا المرض، والذين حط بهم السعي للعلاج أخيراً في مركز أطباء بلا حدود، توجهت تاج بيبي وعائلتها في البداية إلى السوق السوداء للحصول على الدواء الذي لم يكن متوفراً في مراكز الصحة العامة في المناطق التي تعمل فيها منظمة أطباء بلا حدود. عادةً ما تكون الأدوية التي تتواجد في السوق السوداء ذات نوعيةٍ سيئة أو أنها منتهية الصلاحية مما يجعلها غير فعالة في معالجة المرض. وهذا مما يزيد في معاناة المرضى من أمثال تاج بيبي وعائلتها ويضاعف من شعورهم بالإهمال.

من الآثار الخطيرة التي يخلِّفها هذا المرض غير المعروف نسبياً هو المعاناة النفسية لدى المصابين. فالمصابون به كثيراً ما يشعرون بأن مجتمعهم يُقصيهم بسبب المنظر المزعج للتقرحات الجلدية التي يخلفها المرض ويتركهم مثقلون بشعور الرفض والخزي.

الدواء الوحيد المتوفر حالياً لعلاج الليشمانيا الجلدية هو "ميغلومين أنتيمونيات" والذي يتم حقنه إما في العضل أو مباشرةً في المنطقة المصابة من الجلد على مدى 20 إلى 35 يوماً بحسب شدة الإصابة.

يشير تدفق المصابين على مراكز العلاج التابعة لأطباء بلا حدود إلى مدى الحاجة لتوفير خدمات معالجة الليشمانيا الجلدية في كافة المناطق التي ينتشر فيها المرض. فالمرض يصيب مئات الآلاف من الناس ومعظم هؤلاء ليسوا قادرين على تحمل كلفة العلاج.

5 أشياء يجب معرفتها

تشرح سوزيت كامينك، وهي خبيرة الأمراض المدارية في أطباء بلا حدود الأسباب التي تجعل من هذا المرض المهمل صعب التشخيص وصعب العلاج.

  • لا يرى بالعين المجردة: ذبابة الرمل التي تنقل الليشمانيا الجلدية لا ترى بالعين المجردة، كما أن حجمها صغير جداً بحيث يمكنها التسلل عبر فتحات الناموسيات.
  • يبدأ على شكل بثرة: تبدأ الليشمانيا الجلدية عادة ببثرة أو عُقَيدة تنمو ببطء حتى تشكل قرحة.
  • موقف الجهاز المناعي؟ قد يتمكن الجهاز المناعي البشري في نهاية المطاف من القضاء على الطفيلي، لكنه غالباً ما يخلِّف علامة كبيرة.
  • علاج الخط الأول: لا يتوفر في باكستان ما يكفي من دواء ميغلومين أنتيمونيات، وهو علاج الخط الأول لليشمانيا الجلدية.
  • السرطان ووصمة العدوى: غالباً ما يعتقد الناس أن الليشمانيا الجلدية مرض سرطاني أو مرض قاتل أو معدٍ ينتقل عبر اللمس.

شهادات المرضى

عبد الوهاب، كوشلاك

"اعتقدت أني أصبت بالسرطان وأن حياتي ستنتهي. كان الناس يقولون لي أن لا أغسل وجهي أو ألمس أي شيء – كنت مشوشاً للغاية ولم أعرف من أصدق وكلام من أتبع. قالوا لي أن العلاج سيكلفني 30,000 روبية، وكنت أقول في نفسي ’لا أستطيع الآن دفع حتى 30 روبية، فأنا رجل فقير‘. نصحني البعض بأن أذهب إلى كوشلاك حيث عيادة أطباء بلا حدود الخاصة بالليشمانيا الجلدية. بعد ثلاث زيارات بدأت أرى تحسناً في أنفي. وكأنَّ حِملاً انزاح عن كاهلي".

msf250838high.jpg

نعمة الله وحمد الله، كويتا

"الكثير من الناس أخبروا والديَّ أن اللسعات التي أصبنا بها ستشفى من تلقاء نفسها. ولم يكن أحد يعرف على وجه اليقين ما هي العلة. وعندما بدأت بالتدهور أدركوا أنها لم تكن لسعات عادية. يظن الناس أنني أصبت بجرح أو حرق في الماضي سبب لي تلك الندبة. لكنني لا أخوض في التفاصيل مع أحد. وعندما يحدقون في الندبة أقول لهم أنها شيء وهبني إياه الله ولا تفسير آخر لها عندي".

msf250881high.jpg

علي سينا، كويتا
"اكتشفت هذه اللسعة قبل ستة أشهر. قد يهزأ بي ولد أو ولدان في صفي بخصوص الندبة لكن أغلب الناس في مجتمعي يعرفون أنها لسعة ستختفي في غضون سنة".

msf250853high.jpg

نبيلة، بيشاور
يقول والد نبيلة: "كانت الطالبات تسخرن منها بسبب الندبات وبالتالي أصبحت منعزلة، فقررنا أن نخرجها من المدرسة. ستعود للمدرسة لأداء امتحان لديها، وبعد ذلك حين ينتهي علاجها".

"راجعنا عدة أطباء وجربنا علاجات عديدة من مراهم وحقن على مدى أشهر دون نتيجة. وفي أحد الأيام جاء طبيب من بيشاور إلى قريتنا ونصحنا بالذهاب إلى مركز أطباء بلا حدود العلاجي".

msf247157high.jpg

استجابة أطباء بلا حدود

  • توفر استجابة أطباء بلا حدود في باكستان للمرضى العلاج التخصصي وتحرص على وجود مخزون ثابت من الدواء الآمن والفعال.
  • كما تقدم المنظمة أيضاً دعم الصحة النفسية وتقوم بأنشطة توعية صحية حول كيفية الوقاية من المرض وعلاجه.
  • لدى أطباء بلا حدود برامج لعلاج الليشمانيا الجلدية في كويتا وكوشلاك التابعتان لإقليم بلوشستان، وفي بيشاور في إقليم خيبر بختونخوا.
  • في عام 2017 عالجت أطباء بلا حدود ما يقارب 4,000 مريض من المرض؛ وفي عام 2018 يتوقع أن يزيد الرقم عن 5,000.

(الصور: لوري بونو/أطباء بلا حدود، نصير غفور/أطباء بلا حدود، خولة جميل/أطباء بلا حدود)