تمرير

مدونة الابتكار: سوائل وريدية في سيارات لاند كروزر – 24 ساعة قبل الانطلاق!

19 أغسطس 2019
آخر
شارك
طباعة:

جوزي تعمل ممرضة مع منظمة أطباء بلا حدود فيما يعمل أنوب مسؤولاً لوجستياً، لكنهما اليوم يسابقان الزمن لتصميم معدات جديدة من شأنها توفير الوقت الثمين في حالات الطوارئ. خلال مهمتهما الأخيرة، وقبل يوم واحد من مغادرتهما للمشروع، باء تصميمها الأولي بالفشل. وفيما يلي يدوّن كل من جوزي وأنوب ما حدث معهما لاحقاً في آخر محاولة لهما...

فتُر حماسنا بعد النتائج المخيبة للآمال التي حصلنا عليها في وقت سابق اليوم. لكن إدريس كان قد وصل إلى المكتب برفقة زميلته كيم التي أتت لتوثق المشروع، فتحدثنا إليهما عن سير العملية وأطلعناهما على ما كنا نقوم به.

لم نكن قد بلغنا التصميم النهائي بعد وقد أحزننا هذا كثيراً.

كان إدريس هو من اقترح المشروع بأسره وتقدم بطلب تمويله، ولهذا شعرنا بالفرح ونحن نطلعه على سير المشروع وما اكتشفناه خلال الأسابيع الثلاثة والنصف الأخيرة. لكننا لم نكن قد بلغنا التصميم النهائي للنموذج الأولي بعد وقد أحزننا هذا كثيراً.

كان إدريس سعيداً للغاية وطرح علينا بضعة أسئلة وفي النهاية قال لنا أنه رغم حماسه لأن يرى اكتشافاً كبيراً إلا أن المشروع كان قد حقق النجاح في رأيه. كان توقيته ممتازاً فقد منحنا الحافز الذي كنا بحاجة إليه.

غادر كيم وإدريس وبدأنا بالإسراع في العمل. كانت عقارب الساعة تدق ولم يتبقّ أمامنا سوى 24 ساعة، حيث كان يفترض بنا أن ننتهي من إعداد النموذج الأولي في اليوم التالي في مثل تلك الساعة. ولهذا عدنا إلى السبورة لمتابعة العمل!

قمنا بمراجعة كل التفاصيل التي كنا مدركين لنجاحها وحاولنا تعديل التصميم ليتناسب مع أكبر قدر ممكن من المعايير. مكثنا مطولاً ونحن نطرح الفكرة تلو الأخرى.

كان الحل أمام أعيننا طيلة الوقت

أعجبتنا فكرة استخدام مشبك يوضع على زجاج السيارة بحيث يمكن شده وإرخاؤه حول أكياس السوائل الوريدية. وتبين لنا بأن الحل كان أمام أعيننا طيلة الوقت. وقد كان المشبك جزءاً من المعدات المرفقة بالسوائل الوريدية.

ونقصد بالمعدات المرفقة الأنابيب البلاستيكية المستخدمة لتسريب السوائل الوريدية إلى المريض. أدركنا بأننا قادرون على استخدام مشبك آخر من المعدات المرفقة لطي الحزام بعيداً حين تنقل سيارة لاند كروزر المواد والركاب ولا تعمل كسيارة إسعاف. وهذا يعني بأن المشابك وقطع حامل السائل الوريدي التي ستتكسر على الأغلب أو تضيع سيكون من السهل استبدالها في الميدان.

كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساءً وكانت لدينا خطة.

spine_900.png

الخطة الجديدة!

كنا نعلم بأن يوم الجمعة سيكون مضغوطاً لكننا قررنا أن عملنا قد انتهى اليوم وكان من الضروري أن نحظى بقسط من الراحة.

العد التنازلي

وصلنا جميعاً إلى ورشة العمل في ساعة مبكرة ووضعنا خطة. كان الموعد النهائي في الساعة الخامسة مساءً.

توجه أنوب إلى ورشة العمل ليجهز القطعة المحورية. أشار إلى أنه سيحتاج إلى قطعة مطاطية داعمة كي لا تصطدم القطعة المحورية بالسيارة كالطبلة وتدفع بمن فيها إلى الجنون.

كان نيلز مشغولاً بتجهيز تصميم القطعة الداعمة بحيث يمكن استنساخها عبر طابعة ثلاثية الأبعاد.

كان علي أن أجد مفصلاً للحزام. وبعد أن بحثت عدة أفكار اعتمدت كثيرٌ منها على الأشرطة التي يستخدمها المدربون، وجدت الحل في حقيبتي. كان الوقت يداهمنا وأسرعنا في نزع مفصل الحزام من حقيبتي لنستخدمه في النسخة النهائية من النموذج الأولي.

كانت القطعة المحورية ومفصل الحزام جاهزين عندما انتصف النهار. كانت الطابعة قد بدأت تنسخ القطعة الداعمة لكنها كانت ستسغرق أربع ساعات. أي أن القطعة ستكون جاهزة قبيل الموعد النهائي لعرض النموذج الأولي.

الآن كان علينا أن نجد طريقة لربط الحزام بالمفصل. وهنا أثبتت السبورة فائدتها مرةً أخرى. وهنا يتساءل المرء: كيف كان لهم أن يصمموا المنتجات قبل اختراع السبورة؟

attachingwaistband_900.jpg

أفكار لربط الحزام.

وفيما كنا نناقش هذه الأفكار، لاحظ نيلز فجأة توقف صوت الطابعة. كان برنامج الموقت الزمني مفعلاً وتوقفت الطابعة عن العمل بعد أن أنهت ثلث مهمتها فقط. اضطررنا إلى إعادة ضبطها مجدداً وبهذا كنا قد خسرنا ساعتين.

لم تكن الأمور تسير على ما يرام كما بدا.

وفي مسعى منا لتسريع الأمور قليلاً كان نيلز بين حين وآخر يزيد من سرعة الطابعة مع أن هذا قد يقلل من دقة الطباعة. لم يكن في مقدورنا فعل أي شيء سوى الانتظار والأمل بأن ينجح المشروع.

بالعودة إلى حاجتنا لربط الحزام (الذي كان مصنوعاً من سلك كهربائي دقيق يتوفر بسهولة في مشاريع أطباء بلا حدود) بالقطعة المحورية، توصلنا في نهاية المطاف إلى فكرة تقوم على استخدام غطاء يناسب أسفل القطعة المحورية ويثبت الحزام. وهذا كان يتطلب طابعة أخرى. لكن لم يكن لدينا سوى واحدة.

ولحسن حظنا فقد كانت هناك شركة تعمل في المبنى ذاته ولديها طابعة ثلاثية الأبعاد.

كنا قد خسرنا ساعتين ولم تكن الأمور على ما يرام.

مر اليوم ونحن نجتمع لنتناقش ثم نفترق لينجز كل منا مهمة معينة أو ليتحقق أحد منا من سير عمل الطابعة وينادي: لقد أنجزت 10 بالمئة.

قبل نصف ساعة من الموعد النهائي بدأنا بترتيب الصور والشخصيات وسير العمل والسيناريوهات والنماذج الأولية.

كانت الطابعة لا تزال تعمل.

نجحنا في تجهيز كل شيء وتعليق كل الصور والمخططات على الجدران لعرض ما قمنا به خلال ثلاثة أسابيع وإبراز القرارات التي توصلنا إليها ولماذا. وصل إدريس برفقة الفريق في الساعة الخامسة لحضور العرض. عند تلك اللحظة كانت الطابعة قد أنجزت مهمتها وهرع ثلاثة منا إلى ورشة العمل لبناء النموذج.

presentationboard.png

لوح العرض.

وفي الورشة، سارت الرياح بعكس ما تشتهي السفن: فلم نعثر على الأدوات المطلوبة، واضطررنا إلى التعجل في العمل. لكن وفي نهاية المطاف، وبينما كان كل منا يسهم في تركيب القطع، بدا أن النموذج الأولي قد اكتمل أخيراً.

تعالت صيحات الفرح وأسرعنا في العودة إلى المكتب كي نضع النموذج الأولي في سيارة لاند كروزر ونبدأ العرض. لم يكن لدينا متسع من الوقت لاختبار النموذج واضطررنا لإجراء التجربة الأولى أمام الجميع.

لم ينجح فحسب إنما عمل النموذج وفق ما توقعناه تماماً.

سار العرض بشكل جيد وقد أكدت الأسابيع الثلاثة والنصف التي عملنا خلالها والقرارات التي توصلنا إليها الأسباب التي جعلت من نموذجنا هذا الأفضل.

حان وقت الاختبار وكنا جميعنا متحمسين ومتوترين فيما نأمل بأننا نجحنا بصنع نموذج أولي يسلط الضوء على ما اكستبناه من معارف خلال الأسابيع الثلاثة والنصف الماضية.

لكنه لم ينجح فحسب إنما عمل النموذج وفق ما توقعناه تماماً. قام كل منا بتجربة وضع كيس السائل على الحامل وكان ذلك شعوراً رائعاً. لكن أن ترى أشخاصاً لم يتعاملوا في حياتهم مع السوائل الوريدية لكنهم نجحوا بسهولة في استخدام النموذج، فهذا أمرٌ يدل على نجاح تام.

final1_900.jpg

final2_900.png

final3_.png

النموذج الأولي بنسخته النهائية.

رغم إحساسنا بالإرهاق وبأن مهمتنا قد انتهت، إلا أنها البداية فقط.

الآن تبدأ عملية الاختبار الحقيقي. حيث سنركب النموذج الأولي على سيارة لاند كروزر حقيقية، فرغم أن النموذج الأولي الخشبي يماثل الواقع، إلا أنه الجهاز ككل، مع النوافذ والسرير والمسند والمريض، لا يماثل الواقع.

ومن هنا علينا أن نصمم عدداً من معدات حمل السوائل الوريدية ونرسلها إلى الميدان على أمل أن نصل إلى هدفنا النهائي المتمثل في تزويد جميع سيارات لاند كروزر بهذه المعدات. لكننا خطونا الخطوة الأولى على الأقل.

شكرًا لكم

نود أن نتقدم بشكرنا العميق إلى:

ديلفين من مركز التدريب اللوجستي التابع لمركز عمليات بلجيكا على المشورة التي قدمتها لنا حول سيارات لاند كروزر وإرسال القطع وقياس جميع القطع التي طلبناها.

شركة TGS على استعدادهم للحديث معنا ودعمنا في قياس نماذج التصاميم المعدة حاسوبياً.

فريق خدمات Springburn Ambulance للسماح لنا بالاطلاع على سيارات الإسعاف خاصتهم والإجابة على أسئلتنا.

جميع زملائنا في منظمة أطباء بلا حدود الذين أجابوا على أسئلتنا.

كامل فريق fearsome الذين تحملونا في الورشة فيما كنا نحفر ونعدل ونحرك سيارة اللاندر كروزر.

والأهم كان نيلز لأنه صبر معنا وفتح أعيننا على عالم التصميم. لا أحد يعلم، فقد نغير مهنتنا :-)