تمرير

من مهمة مستحيلة إلى مهمة ممكنة في 12 شهراً

9 أكتوبر 2018
قصة
الدول ذات الصلة
أوغندا
شارك
طباعة:

الفارق بين العمل في موقع تصوير فيلم "مهمة مستحيلة" والعمل في مخيمٍ للاجئين في أوغندا ليس كبيراً جداً كما يمكن للمرء أن يتخيل. هذا ما يقوله غرانت كيتو القادم من نيوزيلندا.

من العمل في فيلم "مهمة مستحيلة" إلى العمل مع أطباء بلا حدود

كان ذلك في أوائل عام 2017، وكان قد مرّ عليّ عدة سنواتٍ وأنا أتساءل ما إذا كان بإمكاني استخدام مهاراتي العملية بطريقةٍ أكثر نفعاً، تقدمت للعمل كأخصائي لوجستي في منظمة أطباء بلا حدود. ذهبت بالطائرة إلى سيدني لإجراء مقابلة العمل. كان الأمر أكثر صعوبةً مما توقعت، ولكن لدهشتي وامتناني تم قبولي.


شعرت بالحماس وطرت عائداً إلى نيوزيلندا حيث وقعت عقداً للعمل مدةً قصيرة في موقع تصوير فيلم "مهمة مستحيلة" بانتظار أن يتم تكليفي من قبل أطباء بلا حدود بمهمةٍ مناسبة في أحد المشاريع.


كان منتجو الفيلم يبحثون عن أشخاصٍ يمتلكون رخصة قيادة دراجة نارية. وبما أنني أعشق ركوب الدراجات النارية فقد قررت ألا أضيّع الفرصة. تخيلت نفسي وأنا أقوم بتنفيذ المشاهد كبديل لـتوم كروز، ولكن للأسف تبين أن توم كروز لا يحتاج لممثلٍ بديل فهو يقوم بتنفيذ معظم المشاهد الخطرة بنفسه.

grant_in_kampala_with_mobile_theatre_1000.jpg
غرانت في كامبالا بجانب غرفة عمليات متنقلة لأطباء بلا حدود

قلت في نفسي على الأقل سأركب دراجة نارية دوكاتي من الطراز الحديث. لكنني أصبت بخيبة أمل عندما قالوا بأنني سأقود دراجة سوزوكي متواضعة GN250.


حبكة الفيلم تبقى طبعاً طيّ الكتمان، أي أننا لم نكن نعرف القصة الكاملة للفيلم ولكني دُهشت عندما أُلبِست زياً ووضع المكياج لي لأمثل دور أحد العاملين في فرق الإغاثة. يا لها من مصادفة! حين كنت أرتدي ملابس الدور في المقطورة وقعت عيناي على الصور التي تمثل أصل الشكل الذي سيبدو عليه الشخص الذي سأمثله في الفيلم، وكانت صوراً مأخوذة من مهمات ميدانية لأطباء بلا حدود. قبل بضعة أيامٍ فقط قبل توظيفي في أطباء بلا حدود، والآن أنا أمثل دور أحد أفراد فرق الإغاثة في موقع تصوير "مهمة مستحيلة".


من نيوزيلندا إلى أوغندا

في نهاية عام 2017، وكنت قد انتهيت من العمل في فيلم "مهمة مستحيلة"، تلقيت مكالمةً من أطباء بلا حدود تكلفني بمهمةٍ في مدينة يومبي في أوغندا. تتضمن المهمة العمل في مخيمٍ للاجئين على الحدود مع جنوب السودان حيث كان مئات اللآلاف من اللاجئين يتدفقون من جنوب السودان هرباً من الأحداث المريعة التي تجري هناك.


تم تعييني كمدير للشؤون اللوجستية وكان جزء كبير من عملي يتمثل في إدارة أسطول المركبات التابع لأطباء بلا حدود. كان عليّ أن أشرف على ما يصل إلى 15 مركبة بما فيها سيارتَي إسعاف، ويتضمن ذلك أعمال الصيانة والتأكد من الجاهزية بالإضافة إلى إدارة مجموعة السائقين المحليين. وتضمن عملي أيضاً الإشراف على صيانة وجاهزية المكاتب وبيت الضيافة والتأكد من استمرارية عمل المولدات وأشياء أخرى من هذا القبيل. كما عملت بشكلٍ وثيق مع الصيدلي للتأكد من استمرارية تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية، خاصةً ما يحتاج منها إلى شروط خاصة للتخزين، دون أن يكون هناك انقطاع في الإمداد، والتأكد من وصول الأدوية الهامة سالمة وفي الوقت المطلوب.

"في غضون 12 شهراً انتقلت حرفياً من ’مهمة مستحيلة‘ إلى مهمة ممكنة"


العمل مع أطباء بلا حدود يشعرك بالرضى الداخلي. كنت جزءاً صغيراً يساعد في دعم صحة ورفاه مئات الآلاف من الناس. كان هناك الكثير من التحديات. كثيراً ما كان عليّ التفكير واتخاذ القرارات وحل المشاكل بشكلٍ ارتجالي. استمتعت بالعمل مع العديد من الزملاء من مختلف أنحاء العالم ممن يشبه تفكيرهم تفكيري والتعرف على أفراد الفريق المحليين الودودين والمجتمع المضيف. لقد تعلمت الكثير من المهارات الجديدة وعشت أحداثاً ستظل جزءاً من ذاكرتي على مدى الحياة.


هل كان توم كروز ليتحمّل التواجد في مخيمٍ للاجئين؟


قد يستطيع توم أن يقوم بمشاهده الخطرة بنفسه، ولكن هل سيستطيع تحمل العمل في مخيمٍ للاجئين؟ الأمر المثير للاهتمام هو أن مهاراتي في إدارة المركبات والشؤون اللوجستية والبنية التحتية للأماكن النائية قد انتقلت فعلاً من موقع تصوير تابع لهوليوود إلى مخيم طوارئ للاجئين.

grant_in_yumbe_with_msf_fleet_1000.jpg
غرانت في يومبي مع مركبات أطباء بلا حدود

في عالم السينما وصناعة الأفلام كثيراً ما نعمل في أماكن مذهلة وكثيراً ما تفتقر تلك الأماكن إلى البنية التحتية وإلى الكهرباء والماء كما تُصوَّر اللقطات عادةً في أماكن تبعد عدة أميالٍ عن أقرب مستشفى. في الأفلام ذات الإنتاج الضخم نقوم سريعاً ببناء ما يشبه المدينة الصغيرة. نقوم بجلب المياه وطاقمٍ طبي ومولداتٍ ضخمة وشاحناتٍ مليئة بالطعام وفريق إطعام، ونبني مساكن وننصب خياماً، كما نحضر عدداً ضخماً من المركبات ونجلب أحياناً مئات الأشياء الإضافية، بالإضافة إلى توم كروز وسايمون بيج.


العمل مع أطباء بلا حدود يمكن أن يشبه ذلك إلى حدٍ كبير. فحين تود أطباء بلا حدود إقامة مستشفى طوارئ فإننا نحضر المولدات والمياه وأجهزة ضخمة لتنقية المياه وخياماً وطعاماً ومركبات. هناك الكثير من نقاط التشابه بين صناعة السينما وأعمال الإغاثة الطبية الإنسانية.

خلال مدةٍ لا تتجاوز 12 شهراً اجتزت رحلةً من المهمة المستحيلة إلى المهمة الممكنة، وهو ما جعلني أشعر بالرضى والامتنان.