تمرير

اثنان بالمئة فقط من أشد حالات الإصابة بداء السل المقاوم للأدوية تحصل على العلاج الجديد والأكثر فعالية والكفيل بإنقاذ المصابين من الموت

11 مايو 2017
آخر
شارك
طباعة:

جنيف، 21 مارس/آذار 2016: رغم مرور سنتين على الموافقة المشروطة على استعمال عقارين جديدين لعلاج داء السل وهي أول مرة منذ أكثر من 50 سنة، إلا أن 2 بالمئة فقط من أصل 150,000 مريض يحتاجون إلى هذين العقارين نجحوا في الحصول عليهما، حسب ما أكدته منظمة أطباء بلا حدود.

وقد أبرزت المنظمة وهيئات طبية أخرى أن نظم علاج أقوى لداء السل من التي تحتوي على واحدٍ من العقارين الجديدين، أي بيداكويلين (الذي تسوقه جونسون أند جونسون) أو ديلامانيد (الذي تسوقه أوتسوكا)، إضافةً إلى أدوية تستعمل لأغراض أخرى لم يتم تطويرها لعلاج السل بالتحديد لكنها أثبتت فعاليتها في علاجه، يمكنها أن تحدث تحسناً في صحة المصابين بداء السل المقاوم للأدوية المتعددة. وتؤكد أطباء بلا حدود اليوم على الحاجة الملحة لتعزيز حصول المرضى على علاجات أكثر فعالية من خلال ضمان توفرها وجعل أسعارها في المتناول.

المزيد في هذا التقرير المفصل

ويقول د. جوزيف تاسيو، المنسق الطبي لفريق أطباء بلا حدود في روسيا، بأن "الإمكانيات التي تمنحها الأدوية الجديدة ستسمح لي برؤية أشخاص مصابين بداء السل المقاوم للأدوية المتعددة مغادرة المستشفى بدل الموت. من المحبط أننا تمكنا أخيراً بعد نصف قرن من تطوير دواء يمكنه أن ينقذ أشد حالات الإصابة من الموت، لكن لا نستطيع أن نعطي هذا الأمل لكل من يمكنهم الاستفادة منه حالاً. وأطباء بلا حدود هي المنظمة الطبية الوحيدة التي تقدم دواء ديلامانيد للمرضى في روسيا، حيث يوجد إلى حد الآن سبعة مرضى تحت العلاج، ولا بد أن تعمل الشركات والدول على ضمان حصول الأعداد الكبيرة ممن يمكنهم الاستفادة من هذه الأدوية عليها".

وفي مشاريع أطباء بلا حدود في كل من روسيا (الشيشان) وأرمينيا، لم تظهر علامات المرض على 75 بالمئة و80 بالمئة تباعاً من المرضى الذين خضعوا لعلاج مقوى يحتوي على عقار بيداكويلين بعد ستة أشهر، مما يدل على أن أعداداً أكبر من المصابين يمكن شفاؤهم، مقارنة بالعلاجات الحالية التي لا تكلل بالنجاح إلا في 50 بالمئة من الحالات التي تعاني من السل المقاوم للأدوية المتعددة.

وتنصح منظمة الصحة العالمية باستخدام العقارين، بينما يجب على شركتي التسويق إعطاء الأولية لتسجيلهما في البلدان ذات نسب الإصابة العالية وتوفيرهما بأسعار في متناول البلدان النامية والبلدان التي تعاني أكثر من غيرها من عبء هذا الداء. كما على الدول إدراج العقارين بسرعة في إرشادات العلاج ورفع قيود استيرادهما مؤقتاً، في انتظار تسجيلهما.

وحسب د. جينيفير هيوس التي تعمل ضمن فريق أطباء بلا حدود في جنوب أفريقيا، فإن المنظمة "تعالج قلة قليلة من المحظوظين في جنوب أفريقيا، وفي أنحاء العالم ككل، بإخضاعهم لنظام علاج مقوى يشمل عقاري بيداكويلين وديلامانيد. وقد كانت جنوب أفريقيا من البلدان الرائدة في مجال الحصول على أدوية جديدة لداء السل المقاوم للأدوية، حيث تجاوز عدد المرضى الذين حصلوا على عقار بيداكويلين على المستوى الوطني 1,750 مصاب منذ سنة 2013. كما توفر بعض الجهات الفاعلة، وضمنها منظمة أطباء بلا حدود، عقار ديلامانيد من باب الرأفة لحفنة من المصابين بالداء الذين لا تكاد تكون أمامهم خيارات أخرى للعلاج، علماً أن هذا العقار لن يكون متوفراً على نطاق واسع إلا بعد تسجيله محلياً. ورغم التقدم الحاصل واحتمال حصول كل مصاب بداء السل المقاوم للأدوية على علاج أفضل، إلا أن توفر الأدوية الجديدة على هذا النطاق يظل حقيقة بعيدة المنال".

هذا وقد نشرت أطباء بلا حدود الطبعة الرابعة من "أدوية السل المقاوم للأدوية تحت المجهر"، وهو تقرير يتطرق بالتحليل للقيود والعوامل المؤثرة على عملية الحصول على علاجات هذا الداء. ويكشف التقرير أن سعر العلاجات المفضلة حالياً للسل المقاوم للأدوية تتراوح بين 1,800 دولار و4,600 دولار للشخص الواحد، بالنسبة للعلاجات التي لا تشمل لا العقارين الجديدين ولا الأدوية المصاحبة التي يمكنها الرفع من فاعلية العلاج بصفة كبيرة. ويسجل التقرير انخفاضاً هاماً في كلفة العلاج منذ الطبعة الأولى سنة 2011، حيث كان السعر يتراوح بين 4,000 دولار و9,000 دولار للشخص. غير أن إضافة العقاقير الجديدة والأدوية المصاحبة التي تجعل العلاج أكثر تحملاً وترفع من حظوظ نجاحه قد تؤثر صعوداً مع الأسف على الأسعار مجدداً.

وقد حددت شركة أوتسوكا سعر العلاج الواحد بعقار ديلامانيد بمبلغ 1,700 دولار للشخص في البلدان النامية، بينما أطلقت جونسون أند جونسون برنامج تبرع قد توفر من خلاله دواء بيداكويلين لجزء من المصابين بالداء في البلدان الأكثر فقراً. أما باقي البلدان، فقد يصل فيها سعر العلاج الواحد إلى 3,000 دولار، وهو السعر الذي حدد للبلدان ذات الدخل المتوسط التي لا يشملها برنامج التبرع.

وتقول د. غرانيا بريغدين، وهي مستشارة في مجال داء السل لدى حملة توفير الأدوية الأساسية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود: "إن داء السل يمكن علاجه، لكنه يبقى من الأمراض المعدية الأكثر فتكاً حول العالم. نحن في حاجة ماسة لعلاج يمكن للناس تحمله ويسمح بعلاج عدد أكبر من المرضى، ويكون في نفس الوقت متوفراً وفي المتناول، وعدا ذلك سيظل الوضع قاتلاً كما اعتدناه".