تمرير

ماهي المصاعب اليومية لحياة الروهينغا في المخيمات

12 يوليو 2018
قصة
الدول ذات الصلة
بنغلاديش
شارك
طباعة:

حسينة وفاطمة ومحمد اقتُلِعُوا من ديارهم ويعيشون الآن في بنغلاديش. هم لا يعرفون بعضهم البعض، ولكنهم يشتركون في المصير نفسه مع مئات وآلاف الأشخاص من الروهينغا الذين أجبروا على مغادرة ميانمار العام الماضي. والشيء الآخر الذي يجمعهم هو أن ثلاثتهم يقيمون مع عائلاتهم في المخيم 18. وهذا ما رووه لنا.

كما تُقسَّم البلدات إلى نواحي، كذلك هو الحال في مخيم كوتوبالونغ-بالوخالي الضخم في بنغلاديش. يوجد الآن 22 قسماً في المخيم وهو مستمر في التوسع. أكثر من 620 ألف لاجئ من الروهينغا لجؤوا إلى كوتوبالونغ-بالوخالي فارّين من أعمال العنف التي اندلعت في ميانمار في شهر آب (أغسطس) 2017. أقاموا ملاجئ على التلال المحيطة بكوكس بازار. وهناك طريقٌ يقطع المخيم من الشمال إلى الجنوب يسمح للناس بالتنقل والوصول إلى المرافق التي تقدم المساعدات في هذا المكان الذي يتكون من عدد يبدو كأنه لا نهاية له من الهضاب.

يقع الطريق الذي يوصل إلى المخيم 18 في القسم الجنوبي الغربي من كوتوبالونغ-بالوخالي. كل ما يميز هذا المكان عن غيره هو أنه واحد من عدة مواقع أعدت لاستقبال اللاجئين الروهينغا لتخفيف الضغط عن النقاط الأكثر اكتظاظاً شرقيّ المخيم. ما عدا ذلك، فهو بِحاراته المنحدرة التي تُشكِّل ممرات بين صفوفٍ وصفوف من الملاجئ المتراصّة بجانب بعضها البعض يعدّ صورة عن جميع الملاجئ الأخرى. هناك أكثر من 29,300 لاجئ من الروهينغا، أي نحو 6,500 عائلة تعيش في المخيم 18 والذي هو الآن مقر السكن لكلٍ من عائلات حسينة وفاطمة ومحمد.

bgd_bm_ktp-bkla2p_v1-va_ar.jpg


حسينة، 35 عاماً

حسينة أرملة. بعد أن قٌتِل زوجها في ميانمار، هربت مع أطفالها الخمسة – ولدان وثلاثة بنات.

وصلت حسينة إلى مقاطعة كوكس بازار في تشرين الأول (أكتوبر). لديها أقرباء يعيشون في نفس الدرب يساعدونها أحياناً، ولكن كل يومٍ يمر هو عبارة عن صراع. أولاً، نقطة المياه القريبة من مسكنها معطلة، لذا عليها أن تذهب إلى منطقةٍ أخرى من المخيم للحصول على الماء. ومن ثم تحتاج إلى حطبٍ لإيقاد النار لتطبخ الطعام لكن أولادها صغار وهي تخاف من أن ترسلهم إلى الغابة لإحضار الحطب. لم يعد هناك المزيد من الأشجار في المناطق القريبة، وعليها أن تقطع ما قد يصل إلى ثلاث ساعاتٍ سيراً على الأقدام لتعثر على بعض الحطب. هناك بعض اللاجئين المحظوظين من الروهينغا في المخيمات الأخرى حصلوا على مواقد غازٍ صغيرة.

بدءُ موسم الأمطار يعني المزيد من المشاكل لحسينة. تُقلِقُها فكرة ألا يتحمل المأوى الذي تسكنه مع أطفالها الطقس السيء الذي يجلب الأمطار الغزيرة والرياح العاتية. فمثلها مثل الجميع، بيتها صغير وذو هيكل ضعيف مصنوع من قصب خيزران مغروس في الأرض وجدران مصنوعة من أعواد خيزران رفيعة محبوكة ببعضها البعض. والهيكل بأكمله مكسو بصفائح من البلاستيك.

الكثيرون يضعون شيئاً ثقيلاً فوق منازلهم، عادةً ما يكون ذلك أكياساً يملؤونها بالتراب للحيلولة دون طيران الصفائح البلاستيكية لدى هبوب الرياح. كل المنازل مبنية بالطريقة نفسها، باستخدام الخيزران. اللاجئون الروهينغا يصنعونها بأنفسهم بالمواد التي يحصلون عليها من عمال الإغاثة.


فاطمة، أمٌ لأربعة أطفال

كانت فاطمة خاتون تسكن في المخيم 16 قبل أن تُجبَر على الانتقال للمخيم 18 في الغرب. ولمساعدتها على الاستقرار تم إعطاؤها عدّة ومجموعة من المواد مع إرشادات حول كيفية بناء منزلٍ من تلك المواد.

لكنّ فاطمة، التي هي أيضاً أرملة، لم تتمكن من بناء المنزل. لذا طلبت المساعدة من الماجي (مشرف الروهينغا المسؤول عن القسم الذي تقيم فيه من المخيم) فأرسل عدداً من المتطوعين لمساعدتها.

هربت فاطمة إلى بنغلاديش مع أطفالها الأربعة البالغين من العمر 3 و 7 و 9 و 11 عاماً وذلك في تشرين الثاني (أكتوبر). ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تأتي بها فاطمة إلى هذا البلد. لقد سبق لها الهروب من ميانمار عام 1992 هرباً من إجبار السلطات للروهينغا على العمل في أعمال السخرة.

انتهى بها الأمر حينها لأن تمضي عامين في مخيمٍ في بنغلاديش، عادت بعدها إلى قريتها لتجد أن منزلها قد دُمِّر فقامت مع عائلتها ببناء منزلٍ جديد ولكن في العام الماضي أجبرت للمرة الثانية على الفرار من ميانمار. فالبقاء لم يعد خياراً ممكناً.

الجانب الإيجابي الآخر بالنسبة للاجئين الروهينغا هو المرافق الطبية الموجودة في المخيم، حيث افتتحت منظمة أطباء بلا حدود خمس مستشفيات وعشر نقاط طبية وثلاثة مستوصفات تقدم الخدمات الطبية على مدار الساعة في مختلف المخيمات. حين مرض أحد أطفالها، أخذته فاطمة إلى عيادة أطباء بلا حدود في المخيم 18 لتحصل على استشارةٍ طبية. قيل لها بأن ابنها مصابٌ بالنكاف.

كافة أعمال الإغاثة، من تقديم المعالجة الطبية إلى توزيع الطعام والمستلزمات الضرورية كالناموسيات التي توضع فوق الأسرَّة للوقاية من الحشرات وعبوات الوقود ، إلى حفر الآبار لتأمين المياه... وغيرها من أعمال الإغاثة الإنسانية يتم تقديمها في كوتوبالونغ-بالوخالي الذي يعد الآن أكبر مخيم للاجئين.


عيادة أطباء بلا حدود في المخيم 18

يقوم الفريق الطبي التابع لأطباء بلا حدود في عيادته في المخيم 18بمعاينة 150 شخصاً في المعدل يومياً. وكما هو الحال في كافة أقسام مخيم كوتوبالونغ-بالوخالي الضخم فإن الأمراض الأكثر انتشاراً هي الإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الجلدية.

msb19245high.jpg


محمد، 45 عاماً

بينما يتم تأمين معظم احتياجات اللاجئين فإن توزيع المعونات يمكن أن يكون غير متساوٍ. اللاجئون الروهينغا الذين يتمكنون من العثور على بعض الأعمال المتفرقة يتمكنون من تحسين وضعهم إلى حدٍ ما، كما هو حال محمد إلياس الذي يعمل بالمياومة. هذا الأب البالغ من العمر 45 عاماً هرب من ميانمار العام الماضي حين فُقِد أحد أبناؤه.

يعمل محمد أحياناً، وبفضل ذلك فقد تمكن من الحصول على هاتف يتحدث فيه مع أخيه بين الحين والآخر. كان لدى محمد دكانٌ في قريته في ميانمار، لكنه فقد كل شيء. أحرق الجنود دكّانه كما تحول منزله أيضاً إلى رماد.

طبيعيٌ أن مسكنه في مخيم 18 أقل راحةً مما كان عليه منزله الخاص. لديه هنا مطبخ فيه فرنٌ من الفخار يستقر على الأرض الترابية وهناك غرفتان تخلوان من كلِّ زينة، إلا سجادة للصلاة. ولكن هناك نقطة مياهٍ قريبة في الجوار وهذه ميزة. العائلات من الروهينغا الذين يقطنون بعض المخيمات الجديدة يعتبرون أقل حظاً كما هو الحال في الغرب في توسعة المخيم 20، حيث الآبار ودورات المياه قليلة العدد وتفصل مسافات بعيدة بين الواحد منها والآخر.