العراق: مساعدة ضحايا الحرب ليقفوا على أقدامهم مرة أخرى

msf224081high.jpg
تمرير
9 أغسطس 2018
قصة
الدول ذات الصلة
العراق
شارك
طباعة:

افتتحت منظمة أطباء بلا حدود، قبل سنة، مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد لدعم ضحايا الحرب في العراق. ويوفّر المركز رعاية إعادة التأهيل ما بعد الجراحة التي يحتاجها الجرحى بشدة، بما في ذلك الدعم البدني والنفسي.

محمد حسين، الذي يبلغ من العمر 27 عاماً، لا يستطيع حمل مولوده الجديد بين ذراعيه حتى الآن. ففي العام الماضي، نصب مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية كميناً لسيارته بالقرب من الحدود بين العراق والأردن. وقد كُسرت كلا ساقيه وتعرض لإصابة عصبية شديدة في احديهما. يقول محمد:

"لقد كنت محظوظاً، لأنه بقيت لدي ساق واحدة بحالة جيدة".

توفي أربعة من أصدقائه في ذلك الهجوم، وتمكن محمد من الفرار والاختباء.

"أحرقوا سيارتنا. فقمت بتنشيط نظام تحديد المواقع على هاتفي، وسجلت رسالة صوتية لعائلتي. لقد ظننت أنني سأموت".

msf224087high.jpg
طاقم مركز بغداد للتأهيل الطبي في اجتماعهم اليومي قبل بدء زيارة المرضى في قسم الاستشفاء الداخلي

ولأكثر من عام، كان محمد يراجع العديد من المستشفيات في جميع أنحاء العراق. وبعد إجراء عمليتين جراحيتين كبرتين فيما بعد، فإنه يتلقى الآن رعاية إعادة التأهيل ما بعد الجراحة في مركز منظمة أطباء بلا حدود في بغداد.

يعدّ مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد المرفق الصحي الوحيد في المحافظة الذي يقدم رعاية إعادة التأهيل الشاملة، بما في ذلك الدعم البدني والنفسي، لضحايا الحرب الذين أصيبوا نتيجة تفجيرات القنابل وإصابات العيارات النارية. كما أنه ثمة نقص كبير في مثل هذه الخدمات في البلاد، حيث تضررت مرافق الرعاية الصحية بشكل كبير بعد سنوات من الحرب. ومنذ شهر آب / أغسطس 2017، تلقى أكثر من 150 مريضاً العلاج في مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد من قبل فريق مكوّن من 70 طبيباً وممرضين واختصاصيي علاج طبيعي واختصاصيين نفسيين.

يأتي مرضى مثل محمد من مناطق مختلفة في العراق ويتم تحويلهم إلى مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد من قبل موظفي الاتصال الطبيين في منظمة أطباء بلا حدود الذين يزورون مستشفيات بغداد العامة بانتظام بحثاً عن مرضى محتملين يحتاجون إلى رعاية متخصصة.

ويتلقى محمد الرعاية الطبية، في مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد، بما في ذلك العلاج الفيزيائي، وإدارة الألم والدعم النفسي. وبعد شهرين من العلاج، كما يمكنه الوقوف باستخدام مشاية، لكنه قد يحتاج إلى جراحة أخرى لإصلاح العصب التالف لديه.

أصيب عهد في هجوم انتحاري في العراق

"أفكرفي فتح محل للهواتف الجوالة ولن أستسلم للمرض"

بعد الجراحة تمت إحالة علي إلى مركز بغداد للتأهيل الطبي ليتلقى العلاج الفيزيائي

" كدت أن أخسر ساقي فلم أكن قادراً على ثنيها ولكن بفضل العلاج الفيزيائي أصبحت قادراً على تحريكها من جديد، خطوتي التالية هي أن أعود إلى حياتي الطبيعية، إلى أسرتي وعملي"

جراح الحرب المفتوحة

أعلن العراق، في شهر كانون الأول / ديسمبر 2017، انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية العامة بعد عقود من الحرب ترك العديد من الجرحى من دون خدمات إعادة تأهيل مناسبة بعد العمليات الجراحية. وغالباً ما تؤدي إصابات الحرب إلى عاهات وإعاقات طويلة الأجل. وقد تؤدي الرعاية التمريضية غير المناسبة، والألم من دون علاج، وعدم وجود الدعم النفسي إلى حدوث مضاعفات طبية وزيادة معاناة الأشخاص.

ووفقًا لـمديرة قسم العلاج الفيزيائي في منظمة أطباء بلا حدود في مركز بغداد ريناتا بيسيرا كزافييه: "إن العلاج الفيزيائي المبكر هو مفتاح الشفاء التام والتعافي بعد العمليات الجراحية المتعددة. كما أن له تأثير على المراحل المبكرة من إعادة التأهيل، ويقوي الأطراف الضعيفة والجريحة لدى المرضى، ويمنع حدوث تشنجات محتملة ويعيد القدرة على الحركة في النهاية".

msf224097high.jpg

msf224089high.jpg

تضميد جروح الجسد والنفس

تقترن الرعاية النفسية مع العلاج الفيزيائي: فمن الضروري مساعدة المرضى على التعافي من الصدمات التي عانى منها معظمهم خلال النزاع الأخير. ومنذ بدء الأنشطة في مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد، خضع 163 مريضًا إلى جلسات العلاج النفسي الفردية أو ضمن مجموعات، ونفّذت فرق منظمة أطباء بلا حدود 1,617 جلسة متابعة. كما أنها تقدم خدمات العلاج المهني والفني.

وأوضحت مديرة قسم الصحة النفسية في مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد سايما زاي،: "تدعم فرق الصحة النفسية المرضى أثناء متابعتهم في المركز. فهم يعملون على علاج القضايا المتعلقة بالأحداث المأساوية التي مر بها المرضى، وكذلك القضايا المتعلقة بالرعاية الطبية اليومية وإعادة التأهيل والتي يمكن أن تستمر لعدة أشهر، أتذكر طفلة تبلغ من العمر 11 عامًا كانت تأتي للعلاج الفيزيائي وكانت مذعورة من إجراء جراحة جديدة كانت تحتاج أن تخضع لها. وقد ساعدها فريق الصحة النفسية هي وأمها على التعامل مع الموقف، وقد تحسن كلاهما في نهاية الجلسة الأولى ".

عملت سايما زاي، وهي طبيبة نفسية من باكستان، في السابق بمنظمة أطباء بلا حدود في الموصل بالعراق وفي عمان بالأردن. "في منطقة الشرق الأوسط، من الصعب إمكانية الحصول على دعم الصحة النفسية في المستشفيات العامة. فلا يزال هناك الكثير ممن يشعرون بالعار لتلقي هذا النوع من العلاج ".

مشروع فريد من نوعه في العراق

بعد عقود من الحرب، يواجه العراق نسبة عالية من الإصابة بالأمراض ما بعد العمليات الجراحية، ولا سيما في حالات جروح الحرب التي تم علاجها في ظروف غير كافية بسبب الافتقار إلى المرافق الصحية العاملة. وتكون معظم حالات العدوى هذه مقاومة للأدوية المتعددة بسبب التشخيص غير الملائم والإفراط في وصف المضادات الحيوية فيما بعد ذلك.

إن مكافحة العدوى ذات الجودة العالية التي يتميز بها مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد وخبرته في العلاج بالمضادات الحيوية ومقاومتها يجعل منه مشروعاً فريداً من نوعه في العراق. إذ يتلقى المرضى تشخيصًا محددًا للمضادات الحيوية، بناءً على فحوصات طبية معينة مثل أخذ عينات من العظام واختبار الحساسية، لضمان حصولهم على أفضل رعاية ممكنة.

أما بالنسبة للحالات الطبية أو الجراحية المعقدة، مثل حالات عدوى العظام، يمكن إحالة مرضى مركز إعادة التأهيل الطبي في بغداد إلى برنامج الجراحة التقويمية التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في عمان، الأردن، حيث تم إجراء أكثر من 11,000 عملية جراحية على مدى السنوات العشر الماضية، لمرضى من سوريا وليبيا واليمن وفلسطين.