تمرير

إذا لم تفشل فأنت لا تبتكر

5 نوفمبر 2018
قصة
الدول ذات الصلة
إفريقيا
شارك
طباعة:

شهد شهر أغسطس/آب من عام 2017 واحدةً من أكبر موجات النزوح الجماعي مع فرار 700,000 شخص من أعمال العنف المرعبة في ميانمار. ويعيش اليوم قرابة مليون لاجئ من الروهينغا في مخيّماتٍ مؤقّتة بائسة جنوب شرق بنغلاديش.

وصلت المنظمات الدولية مع تجلّي الأزمة، وتمّ بناء المراكز الصحية وإنشاء نقاط لتوزيع المساعدات الإغاثية، لكن ما هو مدى معرفة هذه المنظمات الإنسانية باللاجئين الذين تقوم بتوزيع المساعدات الإغاثية عليهم؟

تقول ماريا سيمون، منسّقة الطوارئ مع منظمة أطباء بلا حدود في بنغلاديش: "قمنا بإجراء عمليتي مسح وبائي في مخيمين للاجئين في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش، وكان الهدف هو معرفة معدّلات الولادة والوفاة، ومستويات سوء التغذية عند الأطفال والأمراض الرئيسية في المجتمعات".

"أردنا أن نعرف أيضاً إن كان الناس يستخدمون مرافقنا الصحية، والأسباب التي تمنعهم من استخدامها".

استطاع فريق أطباء بلا حدود عبر استخدام أحد تطبيقات الهواتف الذكية من جمع معلوماتٍ مترابطة عند زيارة الأُسر في مختلف المخيمات.

دفعت نتائج المسح فريقنا لافتتاح عيادة متنقّلة جديدة في أحد المخيّمات الكبيرة نظراً لوجود العديد من العوائق أمام الحصول على الرعاية الصحية كالمسافات الطويلة وحالة الطرق، وبالأخصّ في فترة الأمطار الموسمية.

تخطّي العقبات

تقول سيلفيا موريانا، مديرة قسم الابتكار والتحويل في برشلونة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود: "من الضروري أن نحاول تخطّي العقبات التي تواجهنا في عملية تقديم الرعاية الصحية، ولهذا نجتهدُ دائماً للعثور على أفكار ووسائل جديدة تجعل عملنا فعّالاً قدر الإمكان".

بالنسبة لبنغلاديش، فقد ساعدت إحدى التقنيات البسيطة على جمع معلوماتٍ أكثر ترابطاً، كما ازدادت أهمية التقنيات بالنسبة لمنظمة أطباء بلا حدود في السنوات القليلة الماضية. ويتمّ استخدام التقنيات اليوم في مشاريع الصحة الإلكترونية كالتطبيب عن بعد لتخطّي العائق الجغرافي وتعزيز جودة الخدمات وتوفّرها.

كما يتمّ استخدام التقنيات الحديثة لتصوير المناطق التي غالباً ما يصعب الوصول إليها وذلك عبر صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة.

ولكنّ استخدام التقنيات الحديثة سيشكّل ضغطاً على منظمة ارتفعت ميزانيتها ثلاثة أضعاف خلال عشر سنوات، وتعمل حالياً في حوالي 70 بلداً حول العالم ويضمّ طاقمها 42,000 شخص.

تمّ تأسيس فريق تطبيقات العمليات في منظمة أطباء بلا حدود العام الماضي لتعزيز استخدام التقنيات الحديثة في بعثات أطباء بلا حدود لتقديم الرعاية الطبية، ويقول كونور بريندرفيل مدير الفريق في إسبانيا: "عادةً ما تكون المرحلة الأولى من تطبيق التقنيات الحديثة في المشاريع مُستنزفةً للموارد ومثيرةً للجدل والاعتراض، ولكنّ النتائج لا تظهر إلّا في المراحل المتقدّمة".

"قد يؤدّي استخدام التقنيات الحديثة إلى تأثيرٍ معاكس على قُربنا من المرضى، ولذلك يجب أن نكون حذرين ومتوازنين في استخدامها. ولا بُدّ أن نطرح على أنفسنا أسئلةً أخلاقية صعبة، إذ يجب أن تكون التقنيات التي نستخدمها ونروّج لها كمنظّمة متوافقةً مع مبادئنا".

ويضيف بريندرفيل أن الهدف الأسمى هو تسخير المزيد من التقنيات لخدمة العمليات "لأنّه سيعزّز فعالية العمل الطبي والإنساني في الميدان"، كما نقوم اليوم بتعزيز مواردنا البشرية والمالية في السياقات المتأثّرة بالأزمات، أو الكوارث الطبيعية أو النزاعات.

التكيّف مع السياق

لا يتعلّق الابتكار بمجرد تطوير تقنياتٍ حديثة، فالعمل بالأدوات الموجودة أو تكييفها يقدّم حلولاً للمشاكل التي تعترض طريق مساعدة المحتاجين.

فعلى سبيل المثال، قام فريقنا في شمال شرق نيجيريا بتحويل العربات المحلية الشعبية ذات العجلات الثلاث والتي تُعرف باسم كيكي-نابيبس إلى سيارات إسعاف لأنّ الجيش منع استخدام السيارات الأكبر حجماً بسبب النزاع القائم.

كما استطاعت فرق أطباء بلا حدود في هذا السياق المتقلّب تطوير وسيلة بديلة للطبخ وهي أقراص الوقود.

تقول آنا سانتوس، رئيسة وحدة النزوح، وهي مقرّ رئيسي في نيروبي يركّز على تقديم المساعدة للسكّان النازحين: "كان الناس يعرّضون أنفسهم لخطر الهجمات، أو الاختطاف أو الاعتداء الجنسي بمغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش بحثاً عن الحطب".

أقراص الوقود هي عبارة عن مكعّبات من الوقود الذي يُصنع عبر ضغط النفايات العضوية، كقشور قصب السكّر أو الفستق السوداني مع الورق.

تُضيف آنا سانتوس: "استبدلت حوالي 600 أسرة الحطب بأقراص الوقود، كما يقوم العديد من الناس في المجتمع بصناعة هذه الأقراص بأنفسهم، فهي وسيلةٌ أكثر أماناً بالنسبة لهم".

التعلّم من الفشل

تقول سيلفيا موريانا: "تُعدّ مبادرة أقراص الوقود مثالاً إنسانياً عملياً رائعاً، ولكنّ التحدي الأكبر هو تطبيق التجربة المحليّة التي نجحت في مكانٍ آخر"، وتضيف بأنّ مخاطر الفشل قائمةٌ دائماً في كلّ مبادرة، وتقول: "إذا لم تفشل فأنت لا تبتكر، وعليك أن تتعلّم شيئاً من فشلك".

فعلى سبيل المثال، قُبيل بدء موسم الأمطار الموسمية في بنغلاديش، أطلق قسم الابتكار نداءً للمصمّمين لرسم تصاميم لنقّالة جرحى خاصّة تعمل بكفاءة في مخيّمات اللاجئين الموحلة، مع محدودية الحركة ووجود عددٍ كبير من مصابي الكوليرا.

تقول سيلفيا: "قدّم المصمّمون أفكارهم في فترةٍ زمنيةٍ قصيرة، وكان بعضها أصلياً، ولكن لم يفِ أيّ منها بالغرض المطلوب. علينا في النهاية أن نتكيّف مع الوضع، وأن نسأل أنفسنا عن القيمة التي سيضيفها الحلّ المُقترح إلى الواقع القائم، وهل يحسّن هذا الحلّ الجديد العمل الطبي، أو تجربة المريض أو يمكّننا من معرفة الوضع بشكلٍ أفضل؟".

ليس من السهل دائماً العثور على إجابة.