تمرير

سوريا : ما كان في السابق مكاناً آمناً لم يعد كذلك في إدلب

30 ديسمبر 2019
قصة
الدول ذات الصلة
الجمهورية العربية السورية
شارك
طباعة:

حكيم خالدي، ممثل أطباء بلا حدود في سوريا في نوفمبر/تشرين الثاني، يتحدث عن الهجوم الذي طال في الشهر الماضي مخيم قاح للنازحين في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

مازال النزاع بين الجيش السوري المدعوم من روسيا وبين فصائل المعارضة المسلحة بمختلف انتماءاتهم مستمراً في شمال غرب سوريا. ما الذي حدث في قاح يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني؟

استهدف صاروخ مخيم قاح للنازحين مساء يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني. أنشئ هذا المخيم في عام 2012 ويؤوي نحو 4,000 لاجئ ويقع في محافظة إدلب على بعد خمسة كيلومترات من الحدود التركية. ووفق مديرية الصحة في إدلب، فقد قُتل 12 شخصاً – بينهم ثمانية أطفال – وأصيب 58 آخرين في الهجوم.

وقد احترقت الكثير من خيام الأسر إما جزئياً أو كلياً، ما حدا بهم إلى الانتقال إلى مخيمات أخرى بعد أن فقدوا مأواهم. أضف إلى أن بعض الأسر كانت قد تنقلت بين عدة مخيمات قبل الوصول إلى قاح، حيث ظنوا أنهم سيكونون بأمان. وقد غادر الكثير من النازحين المكان بعد أن فقدوا الشعور بالأمان وتوجهوا إلى مخيمات في أطمة، لأنها أقرب إلى الحدود وإلى بيوت أقاربهم.

كان هناك فريق من أطباء بلا حدود جاهز لتقديم المساعدة وعلاج جرحى الهجوم، لكن في النهاية تم نقل الجرحى إلى مستشفيات أخرى في المنطقة. تعرضت بلدة قاح كذلك للقصف مساء يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني وتضرر مستشفى الأمومة بشكل جزئي من جراء ذلك.

ما هو الشيء المختلف في هذا الهجوم بالتحديد الذي طال مخيماً للنازحين؟

هذا الهجوم غير مسبوق. فهي المرة الأولى التي تتعرض فيها منطقة بهذا القرب للحدود للقصف، وهو مكان كان الناس يشعرون فيه بالأمان بسبب قربه من الحدود.

حتى ذلك الوقت، كان يبدو أن القرب من الحدود من شأنه أن يحمي المدنيين. لذلك فإن ما كان في السابق مكاناً آمناً لم يعد كذلك. كما أن القرب من الحدود مهم كذلك للمستشفيات. فعلى عكس المرافق الطبية الأخرى، لم يتعرض مستشفى أطباء بلا حدود في أطمة والمستشفيات المشابهة قرب الحدود التركية لأي أذى حتى الآن. ويعتبر مستشفى أطمة الذي فتحته أطباء بلا حدود في 2012 المرفق الوحيد حالياً الذي يقدم علاجاً تخصصياً لمصابي الحروق في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال الغربي. وقد تمكن من البقاء قيد العمل طيلة هذه السنوات لأنه يقع في منطقة بالقرب من الحدود في مأمن من الغارات الجوية.

ما هو الوضع في باقي مناطق إدلب؟

في نهاية مارس/آذار، أطلق الجيش السوري وحليفه الروسي عملية عسكرية كبيرة ضد الجماعة الجهادية هيئة تحرير الشام وتنظيمات ‘إرهابية‘ – حسب تعبير السلطات السورية – في منطقة جنوب إدلب، واستمرت حتى نهاية أغسطس/آب. وقد قُصفت مرافق طبية ومدارس ومساجد وأسواق. كما أن استهداف المرافق الطبية بالغارات الجوية أمر شائع جداً. ووفق منظمة ’وحدة إدارة المعلومات‘ وهي منظمة سورية غير حكومية تجمع البيانات حول الإغاثة، فإنه في الفترة ما بين 1 مارس/آذار و 24 أغسطس/آب 2019، قُصفت 34 عيادة ومركز طبي ومستشفى في محافظة إدلب ومناطق قريبة منها في محافظتي حماة وحلب.

كما أجبرت العملية العسكرية الناس على الفرار إلى شمال محافظة إدلب التي لا تشهد الكثير من الغارات الجوية. وقد شهدت فرقنا التي تقدم الرعاية الطبية في مخيمات مرتجلة في منطقة دير حسان قدوم نازحين طول فترة العملية العسكرية. ثم في 31 أغسطس/آب أعلنت السلطات الروسية عن وقف إطلاق نار أحادي الجانب، فعادت بعض الأسر التي كانت قد غادرت، إلى الجنوب. لكن القصف عاد من حينها مجدداً.

ومع اشتعال جبهة جديدة في الشمال الشرقي من البلاد في بداية أكتوبر/تشرين الأول، أمِل الناس في منطقة إدلب أن يعود الهدوء. لكن هذا لم يتحقق. في الواقع أطلقت تركيا عملية عسكرية لإنشاء منطقة آمنة على طول حدودها، وحشد الجيش السوري وحلفاؤه قواتهم في المنطقة الشمالية الشرقية المحاذية لتركيا. لكن أياً من هذا لم يوقف القصف على محافظة إدلب، ومن جديد وفي بداية ديسمبر/كانون الأول استهدُفت أسواق في سراقب ومعرة النعمان. وإن هذه الهجمات الفتاكة على مناطق مأهولة بالكثير من السكان ترهب المدنيين.

* الصورة أرشيفية