تمرير

كوفيد-19: خمسة تحديات في بنغلاديش ومخيمات اللاجئين الروهينغا

10 مايو 2020
COVID-19
الدول ذات الصلة
بنغلاديش
شارك
طباعة:

تعتبر بنغلاديش من بين أكثر دول العالم كثافة بالسكان، كما تضم أكبر مخيم للاجئين في العالم، إذ يعيش في كوكس بازار نحو مليون لاجئ روهينغي في ظروف مكتظة وتفتقر للنظافة. ومع انتشار وباء كوفيد-19 في أنحاء بنغلاديش، نذكر خمسة تحديات رئيسية ينبغي التغلب عليها.

  • مجتمعات ضعيفة ومعرضة لخطر المرض

تواجه العديد من المجتمعات الفقيرة في أنحاء بنغلاديش وضعاً محفوفاً بالمخاطر في بيئات مكتظة بالسكان، ما يجعلهم عرضة بشكل خاص للإصابة بمرض كوفيد-19. الكثير من البنغلاديشيين يعيشون في مناطق حضرية وأحياء عشوائية عالية الكثافة السكانية، كما ينحشر اللاجئون الروهينغا في مساكن ضيقة غير نظيفة، وقد يعيش في الغرفة الواحدة حتى 10 أفراد من الأسرة.

ويكاد يكون الحفاظ على التباعد الجسدي في هذه الظروف شبه مستحيل. ففي مخيمات اللاجئين يعيش نحو 860 ألف روهينغي في منطقة من الأرض تبلغ مساحتها 26 كيلومتر مربع في كوكس بازار، ولا يتوفر فيها الصابون أو الماء النظيف بشكل كافٍ. بل يعتمد الناس هناك على توزيع ماء الشرب والطعام والوقود، ما يعني أن عليهم الانتظار لساعات ضمن مجموعات كبيرة للحصول على ذلك.

ويقول ريتشارد غالبين، خبير الماء والصرف الصحي في أطباء بلا حدود: "يشعر الناس بالإحباط نتيجة تكرار نصائح غسل اليدين. فإذا كان لديك 11 ليتر من الماء يومياً فقط، كيف سيكفيك هذا لغسل يديك باستمرار".

بعد تعرّض الروهينغا للاضطهاد في ميانمار طيلة عقود، ولم يكونوا يحصلون فيها على الرعاية الصحية إلا بقدر ضئيل جداً، أصبحت صحتهم في وضع متدنٍ كما لم يحصلوا على التحصين باللقاح، ما يجعلهم عرضة بشكل خاص لخطر الأمراض المعدية.

قبل جائحة كوفيد-19، كان قرابة 30 في المئة من المرضى الذين تعالجهم أطباء بلا حدود في مخيمات اللاجئين لديهم أعراض تتعلق بالمجرى التنفسي، كقصر النفس. فهم بالتالي ضمن المعرضين لخطر هذا المرض الجديد بشكل مرتفع.

  • الحفاظ على الخدمات الأساسية وتوفير المساعدات

يتم توجيه قدرات الخدمات الصحية للتصدي لانتشار فيروس كورونا، وبالتالي انخفضت الاستجابة الإنسانية بشكل ملحوظ. إلا أن الأمهات سيواصلن الولادة والأطفال سيصابون بالإسهال وذوي الأمراض المزمنة سيحتاجون الدواء. لذا فلا بد أن تتم المحافظة على هذه الأنشطة الضرورية المنقذة للحياة.

تؤثر القيود المفروضة على السفر، رغم أنها ضرورية للحد من انتشار وباء كوفيد-19، في توفّر الرعاية الصحية. ويزداد الأمر صعوبة على ذوي الأمراض ’غير المرئية‘ أن يثبتوا أنهم مرضى ومؤهلون للسفر إلى المرافق الطبية للعلاج. وأولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو أمراض غير معدية كالسكري قد يبدون أصحاء، لكن إذا انقطع علاجهم المنتظم فقد يحصل لهم انتكاس وعودة ظهور أعراض شديدة الضرر. في الأسبوع الماضي وصلت مريضة إلى مرفق لأطباء بلا حدود وهي تبكي. كانت خائفة من أن لا يسمح لها بالمجيء، وقد استغرقها الأمر خمسة أيام لتأمين وسيلة نقل إلى المستشفى.

بالنسبة للروهينغا يشكل قدوم الأمطار الموسمية الغزيرة في الشهر القادم ازدياد خطر تفشي الأوبئة المنقولة بالماء كالكوليرا. كما يشكل الحفاظ على سير عمل مرافق الماء والصرف الصحي لمثل هذا العدد الكبير من سكان المخيم تحدياً أكبر في ظل القيود الحالية. تحتاج المراحيض أن تُنظف من الحمأة ويجب صيانة شبكات المياه وإصلاحها؛ وكل ذلك يتطلب إمدادات ومواد وقوة عاملة، وجميعها محدود التوفر حالياً.

  • تآكل الثقة

من خلال خبرتنا في تقديم الرعاية الطبية خلال تفشي الأمراض المعدية، تعلمت أطباء بلا حدود مدى أهمية إشراك وتثقيف المجتمعات التي نساعدها، فهو أمر ضروري لضمان أن يفهموا كيف يحموا أنفسهم، ويتصدوا للشائعات ويقللوا من الخوف ويمنحوا الناس شعوراً بأنهم متحكمون بحياتهم بأنفسهم. تواجه المجتمعات البنغلاديشية والروهينغية خوفاً مفهوماً، إذ أن الشائعات والمعلومات الخاطئة يمكن أن تنتشر بسرعة انتشار الفيروس.

إن الخوف يمنع الناس المحتاجين للعلاج الضروري غير المتعلق بكوفيد-19 من الاقتراب من عياداتنا. على مدى الأسابيع القليلة الماضية، شاهدنا انحداراً شديداً في عدد الاستشارات. في مستشفى كوتوبالونغ الميداني في كوكس بازار تشاهد أطباء بلا حدود عادة ما بين 80 إلى 100 مريض يومياً لتضميد الجروح. معظمها جروح مزمنة تحتاج إلى تنظيف دوري وتضميد كل يومين أو ثلاثة. وقد انحدر هذا العدد إلى 30 مريضاً يومياً. وبدون هذه الضمادات هناك خطر إصابة الشخص بالالتهابات والإنتان وحتى الموت.

تعمل فرق الوصول الميداني التابعة لنا في المخيمات والقرى البنغلاديشية المجاورة على تقديم النصائح حول كيفية منع انتشار مرض كوفيد-19. ومن أجل تفادي تجمع الناس في مجموعات، تذهب الفرق من بيت إلى بيت ويتحدثون من أفراد الأسر بشكل شخصي.

وقد صنعنا مقاطع فيديو صغيرة كي يتشاركها الناس عبر البلوتوث، نظراً للقيود المفروضة على الإنترنت. كما نعمل مع القادة المجتمعيين والدينيين للمساعدة في نشر الرسائل الصحية شفوياً، وتنظيم جولات على مرافق العزل خاصتنا لبناء الثقة بيننا وبين المجتمعات.

  • حماية عمال الخطوط الأمامية

يعمل عمال الرعاية الصحية على الخطوط الأمامية للاستجابة لكوفيد-19. وبدونهم لا يمكن مجابهة هذه الأزمة الصحية الوشيكة أو تلبية الاحتياجات الطبية الأخرى.

في بنغلاديش كما في أنحاء العالم الأخرى، تواجه أطباء بلا حدود نقصاً في معدات الوقاية الشخصية الضرورية كالكمامات والمرايل والنظارات والقفازات. عمال الرعاية الصحية هم الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19. ولن تعرّض أطباء بلا حدود أياً من طواقمنا لمخاطر غير ضرورية للإصابة بالعدوى، لكن هذا سيؤثر في العمل الذي يمكننا القيام به.

وتقول موريل بورسيه، رئيسة بعثة أطباء بلا حدود: "ستحدد القيود مدى قدرتنا على الاستجابة لتفشي كوفيد-19. ويشكل عدم اليقين هذا وعدم وجود ضمان بأننا سنتمكن من الحفاظ على التزامنا تجاه مرضانا ضغطاً كبيراً على الفريق".

وبينما شهدنا الكثير من التضامن الملهِم مع العاملين على الخطوط الأمامية حول العالم، فقد شهدنا أيضاً خوفاً يدفع إلى الوصم والسلوك القاسي. ولم تنجُ بنغلاديش من وقوع مثل هذه الحالات فيها، فقد تعرض بعض أفراد طاقمنا للإساءة اللفظية أو التهديدات من قبل قاطنين خائفين من وباء كوفيد-19، كما يواجه آخرون طلب الإخلاء من قبل أصحاب بيوت يستأجرونها، غير راغبين بتسكين عمال على الخطوط الأمامية.

إذا شعر عمال الرعاية الصحية بعدم الأمان أو عدم الدعم في أداء أعمالهم، فلا يمكن أن تكون هناك أية استجابة جدية لكوفيد-19.

  • إدارة مرضى كوفيد-19

أنشأت أطباء بلا حدود أجنحة عزل في جميع مرافقنا الطبية في كوكس بازار وتحضّر حالياً مركزين مخصصين للعلاج. وقد وفرنا بالمجمل 300 سرير عزل، لكن هذا مجرد جزء بسيط من الاستطاعة اللازمة إذا ما حصل تفشٍ واسع ضمن مجتمع الروهينغا. ولا تستطيع عياداتنا في مخيمات اللاجئين معالجة الحالات الشديدة تبعاً لعدم توفر أجهزة التنفسي الاصطناعي ومحدودية توفر الأوكسجين المركّز.

ولتوسيع استجابتنا لهذه الجائحة قمنا بتوظيف عدد كبير من الطواقم المحلية البنغلاديشية. ونحتاج كذلك لخبرات دولية، لكن القيود على السفر إلى بنغلاديش تعني أن ثلث الطواقم الدولية التي كنا ننوي توظيفها في هذه الأزمة عالقون حالياً خارج البلد، نواجه لذلك نقصاً شديداً في الطواقم.

إن الحاجة إلى طواقم طبية كالأطباء والممرضين جلية، لكن الاستجابة تحتاج إلى عدة تخصصات أخرى غير طبية. إذ نحتاج إلى مديرين لإدارة مستشفياتنا، ولوجستيين لضمان جودة المواد الطبية عندما نحتاجها، وغيرهم الكثير. استأجرت أطباء بلا حدود أسطولاً من الحافلات التي ستنقل مئات الموظفين إلى مستشفيات أطباء بلا حدود وعياداتها في أنحاء كوكس بازار – وهو نشاط لوجستي يومي ضخم ويستهلك الكثير من الوقت.

تعمل أطباء بلا حدود على مدار الساعة بالرغم من هذه الصعوبات. ولتأمين فرصة حقيقية لمواجهة وباء كوفيد-19 بين المجتمعات الأكثر ضعفاً في بنغلاديش، على جميع الجهات الفاعلة في المجال الصحي والسلطات أن تضافر جهودها وتعمل يداً بيد.