تمرير

طواقم أطباء بلا حدود تحارب وصمة عار كوفيد-19 في جنوب إفريقيا بمكبر صوت ودبوس زينة وأغنية

11 نوفمبر 2020
قصة
الدول ذات الصلة
إفريقيا الجنوبية
شارك
طباعة:

قام بعض الأهالي في أواخر يوليو/تموز بإشعال النيران عمداً في مرفقين متخصصين في علاج كوفيد-19 يقعان في منطقتين تعمل فيهما طواقم أطباء بلا حدود في جنوب إفريقيا، ممّا سلّط الضوء على المخاطر التي تنطوي عليها وصمة العار التي تترافق بكوفيد-19 في إطار عملية الاستجابة للجائحة واستمرار الحاجة إلى تنظيم مبادرات تهدف إلى تثقيف الأهالي وعمال الرعاية الصحية على السواء حول المرض.

وفي هذا السياق تقول د. ليزبيت أولر التي تعمل منسقة طبية لمشاريع أطباء بلا حدود في إيشوي: "غالباً ما نجد وصمة العار حيث يوجد الخوف". مضيفةً بأنه رغم سرعة وتنسيق الجهود الأولية التي بذلتها حكومة جنوب إفريقيا استجابةً لجائحة فيروس كورونا إلا أن تثقيف المجتمع لم يشمل الجميع.

وتتابع أولر قائلة: "نرى انخفاض أعداد المصابين بكوفيد-19 الذين يدخلون إلى المستشفيات في العديد من أنحاء البلاد، لكننا نعلم أيضاً أن مجلس الأبحاث الطبية الجنوب إفريقي قد أبلغ عن 33,000 حالة وفاة إضافية في البلاد خلال الفترة الممتدة من مايو/أيار حتى أغسطس/آب، في حين يقول الخبراء بأن العديد من هذه الوفيات تعود بشكل مباشر أو غير مباشر لكوفيد-19 وبأن محدودية خدمات الرعاية الصحية خلال الإغلاق قد تكون المسؤولة عن ذلك، لكن أَيُعقل أن يكون للخوف من وصمة العار دور هو الآخر؟".

هذا وقد عملت طواقم أطباء بلا حدود منذ بداية الجائحة على دعم مبادرات مكافحة وصمة العار في أربع مقاطعات في جنوب إفريقيا، مستفيدةً من خبرات المنظمة في التعامل مع وصمة العار المرتبطة بالأمراض في إطار مشاريعها القائمة في المنطقة منذ زمن طويل والمعنية بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والسل.

وإزاء هذا تقول لاي سنيمان التي تعمل مديرة دعم المرضى في منظمة أطباء بلا حدود في خايليتشا: "ندرك أن التصدي لوصمة العار التي تطال المصابين بالأمراض المعدية قد يكون مهماً في السيطرة على العدوى وخفض الوفيات على حد سواء، وذلك لأن ضحايا وصمة العار قد يتوارون عن الأنظار ويتجنبون العيادات ومبادرات الفحص والاختبارات، وبالتالي يتأخرون في تلقي العلاج الذي قد ينقذ حياتهم".

وقد تعاونت المنظمة مع مديرية الصحة في خايليتشا على تطوير وإدارة مستشفى ميداني لمكافحة كوفيد-19 بسعة 60 سريراً بهدف دعم المستشفى العام خلال ذورة انتقال العدوى في المنطقة. وتعبّر سنيمان عن قلقها وقلق باقي أفراد الفريق من ردّ فعل أهالي المجتمع إزاء المرفق.

فقد كان المخالطون الذين على اتصال وثيق بالمرضى ممن تم تحديدهم في إطار عمليات التعقب خائفين أول الأمر على سلامة بيوتهم وأسرهم واضطر القائمون على عمليات تعقب المخالطين إلى استخدام سيارات لا تحمل أي شعار وارتداء ملابس عادية تجنباً لنظرات الناس ووصمة العار. كما طلب المرضى الآخرون غير المصابين بكوفيد-19 من طواقم أطباء بلا حدود عدم ارتداء ملابس المستشفى خلال الزيارات المنزلية خوفاً من أن يرتبط اسمهم بكوفيد-19 في نظر الأهالي.

ولهذا فقد التجأت فرق أطباء بلا حدود إلى أنشطة التوعية والتثقيف على الصعيد المجتمعي سعياً لمكافحة وصمة العار التي قد تلحق بالناس.

وتتابع سنيمان كلامها قائلة: "لم تختلف عملية كوفيد عن عمليات التدخل لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والسل، فقد اعتمدنا على التشاور مع زعماء المجتمع وكان فريق التوعية الصحية يقوم بشكل شبه يومي بزيارة مراكز سيارات الأجرى ومناطق التسوق والعيادات لتثقيف الناس حول كوفيد. وقد أدرك المجتمع لحسن الحظ القيمة الإضافية لهذا العمل وقبلوا بوجود مستشفى خايليتشا الميداني، وهكذا نجا الكثير من الناس".

يشار إلى إلى المشاروات مع زعماء المجتمع في إيشوي كان لها دور أساسي في التغلب على وصمة العار المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية والسل خلال عمل أطباء بلا حدود على مكافحة هذين المرضين منذ 2012. وبما أن كوفيد-19 قد بدأ يترك أثره على المنطقة فقد بدأت طواقم أطباء بلا حدود مجدداً بالتواصل مع الزعماء والمعالجين التقليديين وغيرهم من قادة المجتمع طلباً لدعمهم في نشر المعلومات حول هذا المرض.

وفي هذا الإطار يقول جورج مابي، نائب المنسق الميداني لدى منظمة أطباء بلا حدود في إيشوي: "تأخر وصول كوفيد إلى المقاطعة، لكن في ظل زيادة أعداد الحالات بدأنا نرى بعض الناس وقد تعرضوا لوصمة العار، سواء الذين تأكدت إصابتهم أو أولئك الذين ينتظرون نتائج الاختبارات. كما يقول أفراد عائلاتهم بأنهم يتعرضون أيضاً لوصمة العار". ويعبر مابي عن اعتقاده بأن الاستجابة الأمثل لا بد وأن تقوم على بناء شراكات فاعلة مع زعماء المجتمع لمكافحة وصمة العار.

ويضيف: "سمح لنا مثلاً المسلمون في إيشوي باستخدام نظام الإعلان العام في مساجدهم لنشر رسائل توعية حول كوفيد في الشارع الأكثر ازدحاماً في إيشوي وكذلك على بعض الترددات الإذاعية. وقد نجحنا في المباشرة بهذه المبادرة وغيرها من المبادرات التثقيفية المجتمعية بسرعة بفضل العلاقات التي تأسست خلال عمليات الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية والسل".

هذا وتشير الأبحاث وخبرات أطباء بلا حدود إلى أن وصمة العار في نظر المجتمعات قد تؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس والاكتئاب وظهور سلوكيات غير صحية مثل تجنب التأقلم ولوم الذات. وقد تدفع أيضاً بالمرضى إلى تجنب الخدمات الصحية خوفاً من التعرض للتمييز في المرافق الصحية. كما أن وصمة العار التي يفرضها المجتمع في حالة أمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسل تدفع بالكثير من المرضى إلى التوقف عن العلاج.

وفي هذا السياق تقول سنيمان: "وجدنا بأن صوت عمال الرعاية الصحية أداة حيوية في مكافحة وصمة العار".

وتضيف: "نجد وصمة العار في نظام الرعاية الصحية أيضاً، ولو أمكننا بناء ثقافة التعاطف -التي نطلق عليها في جنوب إفريقيا اسم أوبونتو- في المرافق الصحية وبالأخص إزاء المرضى المصابين بكوفيد-19 مع العلم أن إصابتهم ليست بيدهم، لكنّا قد قطعنا بذلك نصف مسيرة مكافحة وصمة العار".

يشار إلى أن 52 فرداً من أفراد طاقم أطباء بلا حدود في جنوب إفريقيا كانوا قد أصيبوا بكوفيد-19 لغاية تاريخ 3 أغسطس/آب، إلا أنهم ولحسن الحظ قد تعافوا جميعاً رغم إشارة العديد منهم إلى تعرضهم لوصمة العار.

وإزاء هذا تقول تابيثا موتسيكوا التي تعمل مديرةً لأبحاث أطباء بلا حدود في خايليشيا: "كنت قلقةً جداً حين أصبت، لكن دعم زملائي الذين رحبوا بعودتي إلى العمل سمح لي بالمضي قدماً".

وفي سبيل تعزيز ثقة عمال الرعاية الصحية في خايليتشا ممن عادوا إلى العمل بعد إصابتهم بكوفيد-19 فقد طلبت منظمة أطباء بلا حدود من منظمة إيكامفا لابانتو غير الحكومية المحلية بإنتاج دبابيس على شكل تيجان.

msf331814_medium.jpg

وفي هذا الإطار تقول لالوما سيغاسانا، رئيسة برنامج المسنين في منظمة إيكامفا لابانتو: "كورونا تعني التاج وتقوم الفكرة على أن يرتدي الناجون في مجتمعنا تيجانهم بفخر". يشار إلى أن إيكامفا لابانتو جمعية تضم نساء مسنات يُعِلن أنفسهن وأسرهن بالعمل في مهنة التطريز بالخرز، حيث يصنعن رموزاً لمكافحة وصمة العار على غرار الأشرطة الحمراء المخصصة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، وقد بَدَأنَ اليوم بإنتاج تيجان كوفيد-19.

كما يعمل فريق خايليتشا على مكافحة وصمة العار بالاعتماد على أغنية تقوم على كلمات مناهضة لوصمة العار حيث يجري نشرها بين الطواقم الطبية والتمريضية لدرجة أن وصل صداها إلى مدينة باتروورث في مقاطعة كايب الشرقية، حيث قامت منظمة أطباء بلا حدود بدعم وإدارة مستشفى ميداني بسعة 30 سريراً يقع في حرم مستشفى باتروورث.

وإزاء هذا تقول فانيلوا غواشو التي تعمل مع أطباء بلا حدود حيث تشرف على تثقيف المرشدين المجتمعيين، كما أنها عضو في منظمة ’حملة التحرك نحو العلاج‘ التي تعد من أهم المنظمات الفاعلة في مجال الإيدز في جنوب إفريقيا: "كنا نعمل خلال السنوات الأولى من مسيرة مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية على حشد وتعبئة المجتمعات معتمدين على الغناء".

وتضيف: "تغني مجتمعاتنا في وجه التحديات. نغني كي نبعد وصمة العار، نغني كي نبعد الظلم، نغني كي نبعد الحواجز التي تحول دون الحصول على رعاية أفضل. أما في أغنية كوفيد-19 فإننا نقول للناس بأن الحب والدعم سيتغلبان على فيروس كورونا".