تمرير

شمال غرب سوريا: ارتفاع عدد المرضى في مركز علاج كوفيد-19 الذي تدعمه أطباء بلا حدود

22 ديسمبر 2020
COVID-19
الدول ذات الصلة
الجمهورية العربية السورية
شارك
طباعة:

يشهد عدد الحالات المؤكّدة أو المشتبه إصابتها بكوفيد-19 زيادةً كبيرةً في شمال غرب سوريا، ويتجلى ذلك في تزايد عدد المرضى في مركز العزل والعلاج الذي تدعمه المنظّمة الطبية الدولية أطباء بلا حدود في مستشفى إدلب الوطني.

ومن بين مجموع المرضى البالغ عددهم 542 مريضاً تلقّوا الرعاية في المركز منذ افتتاحه في أبريل/نيسان 2020، أُدخل إلى المركز 80 بالمئة منهم خلال الشهرَين الماضيَين فقط. فمن 9 يوليو/تموز حتى 21 ديسمبر/كانون الأول، تم تسجيل أكثر من 19,538 حالة إصابة مؤكّدة بكوفيد-19 في شمال غرب سوريا. وصحيحٌ أن هذا الرقم قد يبدو صغيرًا نسبيًا بين سكان يبلغ تعدادهم أربعة ملايين نسمة، ولكن عند مقارنته بعدد الاختبارات المحدود التي تم إجراؤها منذ بداية الجائحة، فإنه ينذر بالخطر وفقاً لشهادة العاملين مع أطباء بلا حدود في إدلب.

هذا المركز البالغة طاقته الاستيعابية 30 سريرًا في مستشفى إدلب الوطني أُنشئ من أجل تقديم الرعاية إلى المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة إلى معتدلة من كوفيد-19. ومع ذلك، شهد الطاقم ارتفاعاً في عدد المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض شديدة في الأشهر الماضية.

إذ يقول الدكتور إبراهيم الذي يعمل في المركز، "في الواقع، يجب إدخال الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض شديدة إلى المستشفيات فورًا"، ويُردف قائلاً، "ولكن نظرًا إلى تضاؤل قدرة المستشفيات على استقبالهم بسبب تزايد عدد الإصابات، فإن عمليات إحالة الحالات الشديدة إلى مستشفيات أخرى باتت بدورها أشدّ صعوبة".

وبالإضافة إلى خطر اكتظاظ المستشفيات، يشكّل العدد الضئيل للاختبارات التي تُجرَى في المنطقة مصدر قلقٍ آخر. فمن دون القدرة على إجراء الاختبار، لا يمكن للناس معرفة ما إذا كانوا مصابين بكوفيد-19 عند ظهور الأعراض عليهم. في شمال غرب سوريا حاليًا، تجري ثلاثة مختبرات فقط اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، وجميعها مختبرات خاصة، تجري الاختبارات بالمجان فقط عندما يُحال المريض إليها من مرفق صحي آخر بعد تحديد أعراضه المرضية، وإلا فعليهم تسديد رسومٍ تجعل إجراء الأشخاص محدودي أو معدومي الدخل للاختبار في مرحلة مبكرة من المرض بعيداً عن متناولهم. وبالتالي يؤخر الأشخاص ذهابهم إلى مرفق صحي حتى تصبح حالتهم حرجة.

ويضيف الدكتور إبراهيم، "في أغلب الأحيان، يُجري المرضى الاختبارات فقط حين تسوء حالتهم الصحية للغاية. نادرون جدًا هم الذين يخضعون للاختبار بمجرد ظهور الأعراض عليهم. وكلما اشتدت حالتهم الصحية، طالت المدة اللازمة للاستشفاء، مما يزيد بالتالي من صعوبة استقبال مرضى إضافيين معرضين لخطر أكبر".

كل صباح، ينطلق الدكتور إبراهيم في جولةٍ برفقة الطاقم التمريضي للاطمئنان على المرضى في كلا القسمَين من المركز: في القسم الأول المخصّص للحالات المشتبه إصابتها بكوفيد-19 والبالغة طاقته الاستيعابية 11 سريرًا، والقسم الثاني المخصّص لحالات كوفيد-19 المؤكّدة والبالغة طاقته الاستيعابية 19 سريرًا. ويشرح الطبيب قائلاً، "قسم الحالات المشتبه إصابتها أصبح ممتلئاً معظم الوقت، ولا نجد بسهولة أسرّة شاغرة".

بالإضافة إلى ذلك، تقدم منظّمة أطباء بلا حدود استشارات الصحة النفسية إلى الأشخاص الذين يتم إدخالهم إلى المركز. وفي هذا الصدد، تقول سارة، ممرضة في أطباء بلا حدود توفر الدعم التقني عن بُعد للمركز، "الحديث عن كوفيد-19 يكاد يكون من المحظورات". وتُضيف قائلةً، "لا تزال وصمة العار مشكلةً داخل المجتمعات المحلية، ونحن بحاجة إلى الاستماع إلى شواغل الناس ومخاوفهم بشأن كوفيد-19 لمساعدتهم على التعامل معها. إلا أننا نخشى أن يؤدي الوصم إلى إخفاء المزيد من الأشخاص إصابتهم في المستقبل، ما يساهم في انتشار الفيروس بشكل أسرع داخل المجتمعات المحلية. ولهذا السبب نجد أنه من المهم التطرّق إلى هذا الجانب أيضًا ضمن أنشطتنا".

لكنّ تلقّي المرضى استشارات الصحة النفسية المتوفرة أمامهم يُعتبر تحدٍ آخر، فبحسب سارة، "بالرغم من الحاجة إلى هذه الاستشارات، ما زلنا نشهد عددًا كبيرًا من المرضى الذين يرفضون تلقي الدعم النفسي".

منذ بداية الجائحة، وسّعت منظّمة أطباء بلا حدود نطاق أنشطتها في شمال غرب سوريا للمشاركة في مكافحة فيروس كورونا المستجد. تتراوح الجهود بين التبرع بالمعدات الوقائية، وإنشاء نقاط فرز المرضى في المستشفيات التي تديرها المنظّمة أو تدعمها أو تتشارك في إدارتها مع جهات أخرى، وصولاً إلى إدارة دعم مركز العلاج هذا في إدلب، فقد حاولت منظّمة أطباء بلا حدود العمل على جبهات مختلفة مع الاستمرار بتوفير معظم أنشطتها الاعتيادية.

وبغية تعزيز استجابتها لمكافحة كوفيد-19 في شمال غرب سوريا، افتتحت المنظّمة مؤخرًا مركزًا آخر لعزل وعلاج المرضى الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة إلى معتدلة. استقبل المرفق، اعتبارًا من 8 ديسمبر/كانون الأول، 54 مريضًا، جاءت نتائج اختبارات 12 منهم إيجابية. هذا ومن المفترض أن تُرفع طاقته الاستيعابية من 12 إلى 32 سريرًا في الأسابيع المقبلة. تعمل منظّمة أطباء بلا حدود أيضًا في مركز آخر لعلاج كوفيد-19 تبلغ طاقته الاستيعابية 34 سريرًا في منطقة عفرين بالشراكة مع منظّمة محلية. يقدم المركز الرعاية إلى المرضى الذين تظهر عليهم أعراض معتدلة ومصحوبة بعوامل خطر، بالإضافة إلى المرضى ذوي الحالات الشديدة التي تحتاج إلى إمدادات الأكسجين.

لا تكتفي منظّمة أطباء بلا حدود بصبّ تركيزها على عزل وعلاج مرضى كوفيد-19 وحسب، بل تعمل أيضًا على الوقاية، لا سيما في المخيمات المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة. بالنسبة 1.5 مليون نازحٍ يعيشون في مخيمات في شمال غرب سوريا، فإن الالتزام بالتباعد الجسدي ليس خيارًا متاحًا، فضلاً عن أن حصولهم على الماء والصابون ليس ممكنًا دائمًا ما يعيق التزامهم بممارسات النظافة العامة التي تقيهم من الفيروس. لهذا السبب، توزّع فرق أطباء بلا حدود مجموعات من مواد النظافة العامة على العائلات النازحة وتنشر رسائل توعوية حول كوفيد-19.

ويختتم الدكتور إبراهيم بقوله، "المخيمات مكتظة ويعيش السكان بالقرب من بعضهم البعض. يمكن أن تتدهور الحالة العامة بسرعة، وإذا حدث ذلك، فأنا أشك في أن النظام الصحي سيكون قادرًا على تدارك الوضع".

*تم تغيير الأسماء في هذا المقال لحماية الهويات.