جمهوريّة إفريقيا الوسطى

MSB4585.jpg
تمرير
4 مايو 2017
شارك
طباعة:

ساد جوٌّ من التفاؤل بحلول السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى عقب المصالحة التي حدثت في مايو/أيار، ولكنّ العنف العشوائي استمرّ في جميع أنحاء البلاد، وتصاعد في شهر سبتمبر/أيلول في بانغوي، الأمر الذي زاد الحاجة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة.

 

central_african_republic_map_2015.jpg

[[Country-Facts]]

ما تزال الأزمة السياسية التي أشعلت فتيل النزاع الدموي عام 2013 عالقةً حتى اليوم، وقد فاقمت الحالة الصحية والإنسانية الطارئة. ومع استمرار نشاط الجماعات المسلحة في البلاد، يعاني 447,000 شخص من النزوح الداخلي، ويعيش عشرات الآلاف منهم في ملاجئ مؤقتة مكتظّة كالمدارس والكنائس، وهم محرومون من الطعام والمياه و الصرف الصحي والرعاية الصحية الملائمة. كما أدى النزاع إلى التدمير الكليّ أو الجزئي لسبعين في المئة من المرافق الصحية، إضافةً إلى خفض أعداد طاقم الرعاية الصحية المؤهّل. كما يخشى العديد من الناس السفر إلى المرافق الصحية القليلة المتبقية، أو يعجزون عن دفع تكاليف العلاج فيها.

وتقدّم منظمة أطباء بلا حدود ومنظمات غير حكوميةٍ أخرى غالبية الخدمات الصحية في البلاد، ولكنّ عملها يتعرّض للإعاقة المستمرة من قبل الجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة، والتي أجبرت المنظمات الإنسانية على إغلاق العيادات المتنقلة، وإنهاء أنشطة الدعم وحملات التلقيح أكثر من مرّة في مناطق كابو، وبومباري وبوغيلا، إضافةً إلى تعرّض مرافق أطباء بلا حدود والمنظمات الشريكة للنهب والاعتداء والتخريب. وقد أدّى هذا الوضع من انعدام الأمن إلى صعوبة الحفاظ على الإمدادات الدوائية. ففي باتانغافو التي تقع على خطّ المواجهة بين مناطق سيطرة الميليشيات المختلفة وإحدى أقلّ المناطق أمناً في جمهورية إفريقيا الوسطى، استمرّت منظمة أطباء بلا حدود بتقديم الرعاية الصحية الأساسية والتخصّصية في مرفق الإحالة وخمس نقاط صحية إضافيّة، وشملت الخدمات الاستشارات الخارجية والتدخّلات الجراحية وصحة الأم والطفل. كما تحتوي باتانغافو على واحدٍ من أكبر مخيمات النازحين داخلياً في البلاد، وهو يضمّ أكثر من 30,000 شخص. وقد لجأ أكثر من 10,000 شخص إلى حرم المستشفى طلباً للحماية عقب الاشتباكات التي اندلعت في المدينة في شهر أكتوبر/تشرين الأول.

وعلى الرغم من هذه الأحداث، استمرّت منظمة أطباء بلا حدود بإدارة البرامج الرئيسية للرعاية الصحية الأساسية والطارئة للمجتمعات المحلية ذات الاحتياجات الطارئة في المستشفيات التابعة لها، إضافةً إلى مرافق الصحة العامة في 13 مدينة و15 بلدة. وقد قامت فرق المنظمة بحملات التلقيح، وإدارة العيادات المتنقلة، وتقديم خدمات الجراحة الطارئة والأمومة والرعاية التخصّصية لضحايا العنف الجنسي، وعلاج سوء التغذية ونقص المناعة المكتسبة ومرض السلّ.

 

msb17771_mediumcartext.jpg

ورشة عمل لمصنّعي الأطراف الاصطناعية قرب المستشفى العام في بانغوي.

الاستجابة لاحتياجات الأطفال

ما تزال الملاريا المرض الأكثر فتكاً في البلاد، والسبب الرئيسي في وفيات الأطفال دون سنّ الخامسة. وقد قامت فرق أطباء بلا حدود بثلاث جولاتٍ من العلاج الوقائي للملاريا والتي شملت 14,000 طفل في نديلي، وكابو، وباتانغافو بين شهري يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني. كما تساهم معدلات سوء التغذية المرتفعة وضعف التغطية التطعيمية في إضعاف صحة الأطفال وتقصير أمد حياتهم، حيث يحصل 13 في المئة فقط من الأطفال الرضع دون سنّ العام الواحد على التغطية اللقاحية الكاملة. وفي يوليو/تموز، أطلقت منظمة أطباء بلا حدود حملة تلقيحٍ شاملة امتدّت لسنةٍ كاملة في 13 مدينة، وشملت تلقيح 220,000 طفل دون سنّ الخامسة ضد الخناق، والكزاز، والسعال الديكي، وشلل الأطفال، والمستدمية النزلية بي، والتهاب الكبد الفيروسي بي، والمكوّرات الرئوية والحمى الصفراء والحصبة.

الرعاية الصحية في بانغوي

ينتشر العنف في العاصمة بانغوي، وتركّز منظمة أطباء بلا حدود على الخدمات الطارئة في المستشفى العام في المدينة، حيث نفّذت الفرق في عام 2015 نحو 4,100 تدخّل جراحي، وقدّمت الرعاية الطبية والنفسية لعدد بلغ 675 شخصاً من ضحايا العنف الجنسي. ويجري العمل على إنشاء مستشفى جراحي جديد للطوارئ سيتمّ افتتاحه في عام 2016. كما قدّمت فرق المنظمة 37,000 استشارة في حي بي كي فايف ذو الأغلبية المسلمة، وقامت بعلاج الأطفال دون سنّ الخامسة عشرة في مركز مامادو مبيكي الصحي، والمرضى من كافّة الأعمار في المسجد الكبير.

وقد شهد عام 2015 تقديم 400 استشارة تقريباً كمعدّل يومي في مستشفى مبوكو في مخيم المطار للنازحين، وتمّ علاج و/أو إحالة 15,400 حالة طارئة إلى المرافق الصحية في بانغوي. وفي مركز كاستور الصحي، تابعت منظمة أطباء بلا حدود علاج ضحايا العنف، وقدّمت الرعاية الصحية التوليدية والطارئة على مدار الساعة، وساعدت الفرق في أكثر من 7,400 حالة ولادة، وتم قبول 10,500 شخص في المستشفى، وتقديم الرعاية الشاملة لعددٍ بلغ 275 شخصاً من ضحايا العنف.

وفي 26 سبتمبر/أيلول، أشعل موت سائق دراجة نارية أعمال عنفٍ انتقامية واحتجاجات عنيفة ضد الحكومة المؤقتة واشتباكات مع قوات حفظ السلام الدولية، كما تعرّضت المباني للنهب والتدمير، ونزح أكثر من 44,000 شخص. وعالجت منظمة أطباء بلا حدود قرابة 200 ضحية خلال يومين، وكان العديد منهم مصاباً بأعيرة نارية. كما بدأت المنظمة بتشغيل العيادات المتنقلة بعد موجة النزوح التي سبّبها العنف، وجرى تقديم 9,800 استشارة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول.

مشاريع الرعاية الشاملة

تستمرّ منظمة أطباء بلا حدود بتقديم الرعاية الشاملة للمرضى الداخليين والخارجيين من السكان والنازحين عبر مشاريعها الثابتة في كابو (أوهام)، وبوغيلا (أوهام-بندي)، وباوا (أوهام-بندي)، وكارنوت (مابيري-كادي) ونديلي (بامينغوي-بانغوران). وتشمل الخدمات استشارات الصحة الأساسية، وخدمات التوليد ورعاية الأطفال والطوارئ، إضافةً إلى تشخيص وعلاج نقص المناعة المكتسبة والسلّ. كما تدعم هذه المشاريع العديد من المراكز الصحية و/أو النقاط الصحية البعيدة. وقد شهد شهر أبريل/نيسان تسليم قسمي الأمومة والجراحة في مستشفى باوا لوزارة الصحة.

أمّا مشروع الرعاية الطارئة الكبير الذي بدأ في بوسانغوا (أوهام) عام 2013، فاستمرّ في تقديم الرعاية الأساسية والتخصّصية عبر المستشفى والمركز الصحي في نانا-باكاسا، وكذلك عبر دعم ثلاث نقاط صحية (باوارا وبينزامبي وكوكي). كما شهد هذا العام بناء وحدة رعاية مركّزة ومبنى لعلاج السلّ، وقامت المنظمة في مايو/أيار بتسليم برنامج التغذية والعيادات الخارجية لوزارة الصحة.

وفي بيربيراتي (مامبيري-كادي)، دعمت منظمة أطباء بلا حدود المستشفى الإقليمي إضافةً إلى أربعة مراكز صحية تركز على رعاية النساء الحوامل والأطفال دون سنّ الخامسة. حيث تمّ قبول حوالي 6,000 طفل في المستشفى، وتقديم أكثر من 20,000 استشارة طبية في المراكز الصحية الأربعة، إضافةً إلى علاج 1,800 طفل من سوء التغذية الشديد الحاد بشكلٍ إجمالي. وشهد شهر مايو/أيار حملة تلقيح ضد الحصبة شملت 28,000 طفل تتراوح أعمارهم بين ستّة أشهر و10 سنوات في بيربيراتي ومباكو. أما في بامباري (أواكا)، فكانت المنظمة تقدّم الرعاية الطبية الأساسية للمجتمعات المضيفة وحوالي 80,000 شخص يعيشون في المخيمات عبر المراكز الصحية والعيادات المتنقلة وتسعة نقاط لعلاج الملاريا. كما كانت إعادة التأهيل الغذائي جزءاً أساسياً من البرنامج الذي عالج 1,380 طفلاً من سوء التغذية الشديد.

وفي بريا (هوتي-كوتو)، كانت المنظمة تقدّم الرعاية الصحية للأطفال دون سنّ الخامسة عشرة، بما في ذلك علاج نقص المناعة المكتسبة، وجرى تلقيح 16,000 طفل ضد الحصبة في مارس/آذار. أما في زيميو (أو مبومو)، فقدّمت فرق المنظمة الرعاية الصحية الأساسية والتخصصية في المستشفى، مع التركيز على رعاية المصابين بنقص المناعة المكتسبة، ودعمت أربع نقاط صحية ثانوية وثماني نقاط لعلاج الملاريا.

وفي بانغاسو عاصمة إقليم مبومو، تابعت منظمة أطباء بلا حدود عملها في مستشفى الإحالات حيث كانت تقدّم الرعاية الصحية الأساسية والتخصّصية، بما في ذلك رعاية الأمهات والأطفال والخدمات الجراحية. ويخدم مستشفى بانغاسو أكثر من 12,000 شخص في المنطقة، وقد قدّم أكثر من 48,000 استشارة طبية خارجية خلال عام 2015. وتدعم فرق المنظمة أيضاً المراكز الصحية في نياكاري ويونغو فونغو. وفي فبراير/شباط، أطلقت المنظمة حملة تلقيح ضد الحصبة شملت 4,900 طفل في رافاي، وأطلقت حملةً أخرى شملت 37,000 طفل في بانغاسو في أغسطس/آب.

 

msf159257_mediumcar.jpg

أمٌّ وطفلها يحصلان على الاستشارة الصحية في بريا، حيث تدير منظمة أطباء بلا حدود برنامجاً لطبّ الأطفال دون سنّ الخامسة عشرة.

فريق الاستجابة الطارئة

يستجيب فريق الطوارئ في جمهورية إفريقيا الوسطى (يوريكا) للحالات الطارئة الحرجة في البلاد، وقد أكمل الفريق بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول التدخلات الصحية والغذائية الطارئة في كوانغو وفاكاغا، حيث تمّ تدريب 80 فرداً من طاقم وزارة الصحة، والتبرّع بالأدوية لخمس نقاط صحية. كما قام فريق يوريكا أيضاً بتلقيح 9,700 طفل ضدّ الحصبة والمكورات الرئوية في غادزي في ديسمبر/كانون الأول، وقدّم الرعاية الصحية للنازحين في أعقاب العنف الذي شهدته بانغوي في سبتمبر/أيلول.

بينجامين بلاك – أحضائي في أمراض النساء والتوليد

وصلت إلينا إحدى المريضات قادمةً من مركزٍ صحيّ على الطرف الآخر من الحدود (النهر) في الكونغو، وبدأتُ العمل لمعرفة القصة الكاملة لهذه المريضة. لقد كانت في حملها الأول وبدا واضحاً أنها كانت في المخاض منذ أربعة أيام، حيث تمزقت الأغشية مع بدء المخاض ولم يبقَ إلّا السائل السلوي الأخضر اللزج (حيث طرح الجنين فضلات في الرحم). وصلت المرأة بعد رحلة استخدمت خلالها قارباً وسيارة إضافة إلى السير على القدمين، وعانت من مخاضٍ طويلٍ بشكل غير معقول، فلا عجب أنّها كانت في حالة يرثى لها.

بدأتُ العمل بتطبيق الإجراءات المعتادة وأنا أجمع المعلومات، حيث قمت بوضع القُنيَّة الوريدية وأنا أخطّط في الوقت نفسه لنقلها إلى غرفة العمليات. ثم طلبت من القابلة أن تحضر بعض المضادات الحيوية الوريدية بينما كان السائل يدخل جسمها بسرعة.

بدأت بفحص بطنها بالطريقة المنهجية، وكان رأس الصبي إلى الأسفل ولكنه ما زال في موقع مرتفع....

خلال عملي في جمهورية إفريقيا الوسطى رأيت أن 17 في المئة من النساء اللاتي احتجن إلى جراحةٍ أثناء المخاض كن يعانين من تمزّق الرحم – وهو من أخطر المضاعفات الولادية وأكثرها تهديداً للحياة – وقد خضعن جميعهن لعملية قيصرية في وقت سابق. ورغم أنّ الحظ حالفنا وكنا مُجهزين لإجراء عملياتٍ قيصريةٍ طارئة، ولكنّ هذه المرأة قد لا تكون محظوظة في ولاداتها اللاحقة، وبالأخص إذا أخذنا بعين الاعتبار السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعيشه البلاد.

معدّل الولادات مرتفع جداً هنا، ولكنّ تنظيم الأسرة والبنية التحتية ضعيفان للغاية. فإذا أجرينا لها عملية قيصرية، فما هي مخاطر حدوث مضاعفات لديها أو حتّى وفاتها في حالات الحمل القادمة التي قد تتراوح بين 6 إلى 10 حالات حمل، مع افتراض أن رحلتها إلى المستشفى ستستغرق الوقت نفسه؟

1,016,100
استشارة خارجيّة
2,629
موظف
207
مليون د.إ
مصروفات