النساء يواجهن تحديات صحية هائلة في شمال غرب سوريا في ظل نقص التمويل

Syria update
تمرير
6 أبريل 2022
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
الجمهورية العربية السورية
شارك
طباعة:

في يوم بارد وماطر، وصلت امرأة مع زوجها على متن دراجة نارية إلى المستشفى الّذي تدعمه منظّمة أطباء بلا حدود في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا. أتت إلى المستشفى لكي تضع مولودها الرابع. تدعى رتيبة، نازحة تربي أطفالها، الذين ولد ثلاثة منهم خلال النزاع، في خيمة حيث تكافح لتلبية احتياجاتهم المعيشية. على غرار آلاف النساء1 في سوريا، شُخّصت إصابتها بسوء التغذية خلال الحمل. نتيجة ذلك، عانت من "دوار مستمر وإرهاق وارتفاع في ضغط الدم" على حد تعبيرها.

وليست رتيبة الوحيدة التي تعيش مثل هذه المحنة. فاليوم، يقطن في شمال غرب سوريا حوالي 4 ملايين شخصٍ، من بينهم 2.7 مليون نازح تصل نسبة النساء والأطفال في صفوفهم إلى 80 في المئة. وعلى مدى أكثر من عقد، شهدت أطباء بلا حدود عن كثب كيف تتضرر النساء كبقية الناس من النزاع وتداعياته بشكل مباشر، إذ يعيش معظمهن في ظروف قاسية ويعانين من انعدام الأمن الغذائي2. فالتحديات الحالية التي تشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر تفاقم من الخطر الذي تتعرض إليه النساء". "حتى المراحل العادية من حياة الامرأة كالحيض والحمل والرضاعة تمسي عبئًا معقدًا في سياقات النزاع"، تقول المنسقة الطبية في سوريا، تيريزا غراسيفا.

إن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية يشكّل تحديًّا أيضًا بسبب انعدام الأمن وبُعد مرافق الرعاية الصحية وارتفاع تكلفة التنقل أو الخدمات. وتقول المرجع الطبي في أطباء بلا حدود في سوريا، كارولين ماسوندا، "أنجبت امرأة رضيعها على باب المستشفى الّذي تدعمه المنظمة بعدما قطعت مسافة طويلة للوصول إليه. لقد كانت تنتظر جمع مبلغ كافٍ من المال لتغطية تكاليف التنقل بسبب عدم توفر أي سيارة إسعاف. إنّ هذا الوضع مقلق، فمن شأن التأخر في الإنجاب أن يتسبب بمضاعفات طبية على الأم والطفل على حد سواء".

كذلك، استنزفت 11 سنة من الحرب صحة النساء النفسية، بحيث تعاني كثيرات من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الأزمة. وفي هذا الصدد، تُجمِع النساء والمراهقات اللواتي يتلقين الدعم النفسي في مرافق أطباء بلا حدود في شمال غرب سوريا على أن معاناتهن ترتبط بالنزاع بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وتقول سمية*، وهي مسؤولة التوعية الصحية في أطباء بلا حدود، "لقد أحلت مؤخرًا أُمًا لخمسة أطفال تبلغ من العمر 25 عامًا لاختصاصي في العلاج النفسي، إذ بدت عليها عوارض الاكتئاب. كانت تشعر بحزن بالغ حتى أنها فقدت القدرة على إرضاع طفلها الّذي وُلد حديثًا".

Syria update

توفر أطباء بلا حدود خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء في شمال غرب سوريا منذ العام 2012، وتتضمن رعاية ما قبل الولادة وما بعدها والرعاية للأطفال حديثي الولادة. كما نجري الولادات، بما فيها الولادات القيصرية، ونوفر استشارات نسائية وخدمات تنظيم الأسرة والدعم النفسي. وفي العام 2021، ساعدت أطباء بلا حدود في إجراء حوالي 18,000 ولادة طبيعية وقيصرية في محافظتي حلب وإدلب. وقدمت أكثر من 200,000 استشارة مرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية في المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات المتنقلة التي تدعمها.

ومع استمرار تفاقم الاحتياجات الإنسانية، يواجه النظام الصحي الهش في شمال غرب سوريا تحديات جوهرية، ويستمر نقص تمويل الاستجابة الإنسانية بفرض تحديات هائلة.

في المخيمات التي تقصدها فرق أطباء بلا حدود في عيادات متنقلة، دائمًا ما تعرب النازحات عن القلق حيال انخفاض توفر خدمات رعاية الأمومة والطفل في المنطقة. وتقول فاطمة*، وهي أم لسبعة أطفال تعرضت مؤخرًا للإجهاض، "كنا نجد عددًا قليلًا من الأطباء والممرضين كلما قصدنا المستشفى القريب، وكانت أغلب الخدمات غير متوفرة. حتى أنني علمت مؤخرًا أن المستشفى الّذي أنجبت فيه طفلتي قد أغلق أبوابه".

فخلال العام 2021، شهدت أطباء بلا حدود مآلات نقص التمويل على أنشطة الكثير من المشاريع والمرافق الصحية التي قلّصت نطاق عملها أو أغلقت أبوابها بعد وقف التمويل. أمّا النزاع السوري، فقد أحدث دمارًا هائلًا بالنظام الصحي. وتعرّضت مئات المرافق الطبية للتضرر أو الدمار. ولاقى الكثير من العاملين في المجال الطبي حتفهم أو تركوا البلد. علاوة على ذلك، تعاني المنطقة من عدم توفر الإمدادات الطبية والأدوية في الكثير من الأحيان. كل هذا يشكّل عائقًا أمام توفر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الضرورية لصحة النساء الحوامل، والفتيات والأطفال حديثي الولادة.

وكثّفت أطباء بلا حدود من أنشطتها بغية الاستجابة لزيادةٍ في نسبة الولادات بلغت 50 في المئة في المستشفيات الثلاث التي تدعمها في محافظة إدلب، حيث ارتفعت نسبة الولادات القيصرية ثلاثة أضعاف خلال عام 2021. واستمرت هذه النسبة بالارتفاع خلال الشهرين الأولين من العام 2022.

بات من الواضح أن الاستجابة الإنسانية لا تضاهي الاحتياجات، لذلك تبرز حاجة ملحّة إلى زيادة تمويل الأنشطة المنقذة للحياة كخدمات الصحة الجنسية والإنجابية في شمال غرب سوريا. ويقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في سوريا، الدكتور فيصل عمر، "لا بد من توفير خدمات عالية الجودة وطويلة الأمد تُعنى بالصحة الجنسية والإنجابية في شمال غرب سوريا لكي تتمكن النساء من عيش حياة صحية. حريّ بنا ألا نخذلهن في هذه الأوقات".

* تم تغيير الأسماء لحماية الهوية

في شمال غرب سوريا، تدعم أطباء بلا حدود في الوقت الحالي 7 مستشفيات، بما في ذلك وحدة لمعالجة الحروق، بالإضافة إلى 12 مركزًا لتقديم الرعاية الطبية الأساسية و3 سيارات إسعاف للإحالة. علاوة على ذلك، تدعم أطباء بلا حدود 11 عيادة متنقلة تقدم الخدمات في مخيمات النازحين. وتدير المنظمة أيضًا خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة في حوالي 100 مخيم للنازحين في الشمال الغربي السوري.

في شمال شرق سوريا، تقدم منظمة أطباء بلا حدود الدعم في مجال التطعيم في 12 موقعًا. تدير عيادة رعاية صحية أولية، وبرنامجًا للأمراض المزمنة، وعناية متنقلة للجروح، ومحطة لتوفير مياه شرب آمنة في مخيم الهول. وتدير منظمة أطباء بلا حدود أيضًا عيادتين المزمنة وتقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك رعاية مرضى السل داخل مركز احتجاز. علاوة على ذلك، تدعم منظمة أطباء بلا حدود مستشفى، فضلاً عن قسم عيادات خارجية يتضمن قسمًا للطوارئ، بالإضافة إلى برنامج للتغذية.