تمرير

يعتقد المرضى أنهم سيموتون حين يعلمون أنهم مصابون بالتهاب الكبد C

11 مايو 2017
آخر
شارك
طباعة:

بدأت منظمة أطباء بلا حدود برنامجها الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي من النمط C في كراتشي في أبريل/نيسان عام 2015. وتسجل باكستان ثاني أعلى معدل لانتشار لالتهاب الكبد في العالم بعد مصر، إذ يصل معدل الإصابة إلى 5 بالمئة. يعاني السكان قبل تشخيصهم وحصولهم على العلاج بسبب التكاليف الباهظة، حيث ترتكز الرعاية الصحية في المستشفيات وليس في المراكز الصحية المحلية. وهذا يمثل ذلك مشكلة صحية كبرى ويعني أن مدينة مترامية الأطراف مثل كراتشي قد تضم نحو مليون مصاب.

وتدير منظمة أطباء بلا حدود عيادة في حي مجهر العشوائي القريب من ميناء الأسماك في كراتشي، وهي منطقة مزدحمة وملوثة تفتقر إلى نظام صرف صحي سليم، ولا يحصل سكانها إلا على رعاية صحية محدودة. وتقدم فرق أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الأساسية والطارئة، بما في ذلك الاستشارات الخارجية وفرز المرضى وتأمين استقرار حالة المرضى والإحالة عند الطوارئ، كما توفر المنظمة الدعم للنساء الحوامل أثناء المخاض والولادة، بالإضافة إلى الخدمات السابقة واللاحقة للولادة.

وقد قررنا الشروع في علاج التهاب الكبد C في حي مجهر، ليس فقط بسبب شدة ضعف النظام الصحي في المنطقة، ولكن أيضا لأن الكثير من الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف الفحص والعلاج. ومن خلال تقديم الرعاية في عيادة للرعاية الصحية الأولية، يمكن للمرضى الحصول مجاناً على التشخيص والعلاج عالي جودة دون الحاجة للذهاب إلى مستشفى بعيد عن مكان سكنهم، وهو ما لا يستطيعون في الغالب تحمله بسبب تكلفة النقل. وحيث أن الأمر يتعلق بمشروع تجريبي، حيث أنه أول برنامج للمنظمة متخصص في التهاب الكبد C، فإننا نتوقع تقديم العلاج لنحو 400 مريض هذه السنة، وهو عدد محدود بطبيعة الحال مقارنة بعدد المرضى المحتملين، ولكن الهدف هو إظهار فاعلية هذا النموذج وإمكانية تكراره.

وتستقبل المنظمة فئتين من السكان في هذا المشروع: فبعضهم يعلمون أنهم مصابون بالمرض إذ تم تشخيصه في مرافق طبية أخرى، والبعض الآخر لا يعلم ويكتشف الأمر في هذه العيادة. وفي الغالب يأتي السكان إلى العيادة بعد شعورهم ببعض الأعراض كآلام الجسم أو التعب أو فقدان الشهية أو الحمى أو الالتهابات في بعض الأحيان. ويتم فحصهم في قسم العيادة الخارجية، وبعد ذلك إحالتهم إلى وحدة التهاب الكبد C إذا تأكدت إصابتهم.

وهناك عدة أنماط من هذا الالتهاب الذي يصيب الكبد. إلا أن النمطين B و C هما الأكثر خطورة لأنهما عبارة عن عدوى فيروسية منقولة عن طريق الدم. ليس هناك لقاح ضد التهاب الكبد C، وهو السبب الرئيسي في ارتفاع معدل عمليات نقل الدم في باكستان. وفي بعض المناطق الفقيرة أو الريفية، يعمد العاملون في المجال الطبي إلى إعادة استخدام المحاقن، مما قد يساهم أيضاً في انتشار الفيروس. ولا تظهر أية أعراض خلال المرحلة الأولى لالتهاب الكبد C، إذ لا يعلم المرضى أنهم مصابون لعدة سنوات قبل أن تبدأ أعراضه بالظهور عليهم. وحيث أن الكثير من المرضى لا يعرفون أنهم مصابون، فقد يقومون بنقل الفيروس حتى لشركائهم عن طريق الاتصال الجنسي.

وعادة ما يصاب الأشخاص بالذعر عندما نخبرهم أنهم مصابون بالمرض. فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول هذا المرض، ومعظم المرضى يعتقدون أن لا علاج له وأن الإصابة به هي بمثابة حكم بالإعدام. ويسود الاعتقاد أن الحالة الصحية للمصاب ستستمر في التدهور ببطء إلى أن يموت. ولدينا فريق متكامل يساعد المرضى على التعامل مع الأخبار السيئة ويقدم لهم معلومات صحيحة عن الفيروس. كما نخبر الناس عن كيفية انتقال المرض للمساعدة في الحد من وصمة العار المرتبطة به. إذ لا يجب عزل المصاب بالتهاب الكبد C عن بقية المجتمع، حيث لا خطر البتة من العمل أو العيش معه. ولا ينبغي للناس التخوف من إجراء الفحص، فالإصابة بهذا الفيروس ليست حكماً بالإعدام.

هناك بعض العلاجات المتاحة في باكستان، إلا أن معظم مرضانا يعجزون عن تحمل كلفته العالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج المستخدم حالياً في كثير من أنحاء العالم، وهو دواء إنترفيرون، قوي جداً ويصعب تناوله. وهو يتطلب عدة حقن مؤلمة (أكثر من 70 حقنة) ويتسبب في الكثير من الآثار الجانبية. كما أن هذا الدواء يؤثر على قدرة المصاب على عيش حياته بشكل طبيعي، إذ أن العلاج يضعفه ويشعره بأنه ليس على ما يرام مما يجعله غير قادر على الذهاب إلى العمل. وفي نفس الوقت، يتوجب عليه الذهاب إلى العيادة عدة مرات في الأسبوع لتلقي الحقن، وهو ما يجعل الأمر بالغ الصعوبة ويثني الكثير من المرضى على استكمال علاجهم. وحتى عندما يستكملون علاجهم، هناك نسبة عالية لإمكانية فشل العلاج.

وقد عرفت السنتان الماضيتان ظهور بعض العلاجات الجديدة والمتطورة ضد التهاب الكبد C، يمكنها علاج هذا المرض في أقل من 12 أسبوعاً، وتتطلب أخذ حبة واحدة فقط في اليوم. وبفضل العلاج الجديد الذي نقدمه في عيادتنا أل وهو سوفوسبوفير الذي تم تسجيله السنة الماضية في باكستان، انخفضت الآثار الجانبية وأصبح من الممكن للمرضى العودة إلى حياتهم الطبيعية في وقت أقل. كما أن نسبة الشفاء عالية جداً. ونأمل أن يصبح العلاج متاحاً بسعر معقول في أقرب وقت، لأن هذا الأمر يكتسي أهمية قصوى في رعاية المرضى المصابين بالتهاب الكبد C.

وقبل أسابيع قليلة، تماثل أول مريض لدينا للشفاء بعد الانتهاء من علاجه في عيادة منظمة أطباء بلا حدود. وقد خضع لنظامي علاج مؤلمين وطويلي الأمد بدواء إنترفيرون قبل أن يتم علاجه باستخدام سوفوسبوفير، وقد شفي أخيراً. كانت رؤية ذلك المريض يتعافى ويعود إلى حياته الطبيعية لحظة رائعة للفريق بأكمله.

معلومات بشأن سوفوسبوفير

سوفوسبوفير عقار جديد ضد التهاب الكبد C يؤخذ عن طريق الفم. وهو من نمط الأدوية "المضادة للفيروسات بتأثير مباشر"وقد تمت الموافقة على استخدامه في أواخر سنة 2013. ويمكن لدواء سوفوسبوفير وغيره من العقاقير المضادة للفيروسات بتأثير مباشر أن تحدث ثورة في مجال العلاجات، حيث تظهر الدراسات معدلات شفاء تفوق 90 بالمائة لدى الأشخاص الذين يعانون من بعض التراكيب الوراثية للمرض. إلا أن شركة الأدوية التي أطلقت هذا الدواء، وهي شركة غيليد ساينس Gilead Sciences التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، سعّرت سوفوسبوفير بمبلغ 1000 دولار للحبة الواحدة (أي 84 ألف دولار لعلاج يستغرق 12 أسبوعاً)، في الولايات المتحدة، وحددت نفس السعر في باقي البلدان المتقدمة. وقد أبرمت الشركة صفقات ترخيص مع العديد من الشركات المصنعة في الهند التي قامت بتطوير أدوية غير محدودة الملكية وشرعت في تسويقها، إلا أن هذه الصفقات تستثني بيع العقار في عدد من البلدان المتوسطة الدخل التي تسجل معدلات عالية من انتشار التهاب الكبد C. ويحرم ذلك حوالي 49 مليون شخص في هذه البلدان، وهو ما يمثل أكثر من 40 بالمائة من مجموع الإصابات بالتهاب الكبد C في العالم، من الحصول على هذا الدواء. ورغم أن السعر في باكستان أقل بفضل تصنيعه وتسجيله في البلد من قبل عدة شركات صيدلانية محلية، يبقى سوفوسبوفير بعيداً عن متناول معظم المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد C.

منظمة أطباء بلا حدود في باكستان

بدأت منظمة أطباء بلا حدود في العمل في باكستان سنة 1986، وهي توفر اليوم الرعاية الطبية الطارئة لسكان مناطق بلوشستان وخيبر باختونخوا والمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية والسند. يجدر الإشارة إلى أن منظمة أطباء بلا حدود تمول مشاريعها في باكستان من خلال تبرعات الأفراد، دون أية مساهمات من أي مؤسسة أو حكومة.