"المحظوظون فقط هم من يستطيعون الوصول إلينا": من داخل أزمة سوء التغذية لدى الأطفال في أفغانستان

Afghanistan children
14 يناير 2022
تدوينة
الدول ذات الصلة
أفغانستان
شارك
طباعة:

يعمل الدكتور محمد في مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في لشكر كاه، حيث يأتي مئات الأمهات والأطفال بعد أن يقطعوا رحلات طويلة للحصول على الرعاية الطبية

 

أربعمئة.

هذا هو عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الذين نعالجهم كل شهر في مستشفى بوست في لشكر كاه، أفغانستان.

هؤلاء المرضى الصغار هم دون الخمس سنوات من العمر. يعاني الكثير منهم أيضاً من مضاعفات مقلقة مثل الالتهاب الرئوي أو الإسهال أو مشاكل معِدِيةٍ مِعَوِية.

أنا طبيب مع منظمة أطباء بلا حدود هنا وأعمل في مركز التغذية العلاجية المكثفة.

أستطيع أن أقول لكم الآن أننا مشغولون جداً.

الأسرَّة تنفد
أثناء النزاع وتغيير الحكومة، لم يتمكن الكثير من الناس من الوصول إلينا. كان الوضع شديد الخطورة وكانت الطرق مقطوعة. 

وللأسف، تأثرت أنا شخصياً بهذا. أصيبت والدتي بوعكة شديدة أثناء القتال، لكن الطريق إلى المستشفى انقطع بسبب الاشتباكات. استغرقنا الطريق بالسيارة أياماً حتى وصلنا في النهاية إلى مرفق العلاج في هرات على الجانب الآخر من البلاد. ماتت أمي بعد 10 أيام من مرضها. لقد كان وقتاً عصيباً وصعباً.

في لشكر كاه، بعد أن أصبح الوضع الأمني أكثر استقراراً وأصبح بإمكان الناس السفر مرة أخرى، صرنا نشهد ضِعف الأعداد المعتادة للمرضى في مركز التغذية: في مايو/أيار، استقبلنا 250 طفلاً، ولكن في الآونة الأخيرة تجاوز عددهم 500 طفل في الشهر.

أكثر ما يشغلنا الآن هو أن الأسرَّة تنفد. في الوقت الحالي، نخصص سريراً واحداً كبيراً لكل عائلتين - من أم وطفل.

ونعمل ما في وسعنا لنكون مرنين، لكن لا يمكننا إلا أن نستقبل الأكثر مرضاً. هذا يعني أن فرز المرضى مهم حقاً، ونحرص على أن يحصل أولئك الذين لا يمكننا قبولهم على الاستشارة أو الرعاية في مكان آخر بالمستشفى.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الهدوء يسود داخل مركز التغذية. ورغم أن العديد من الأمهات قلقات، إلا أنهن يسعدن بوجودهن هنا وأن أطفالهن يتلقون رعاية طبية عالية الجودة.

المحظوظون
انهار نظام الرعاية الصحية في هلمند، ويسافر الناس الآن من مناطق بعيدة جداً في شمال الإقليم للوصول إلينا. يمكن أن تستغرق هذه الرحلات أكثر من ثلاث ساعات. وهي مسافة طويلة جداً إذا كان الطفل شديد الاعتلال.

الناس الذين يصلون إلينا هم المحظوظون.

كانت هناك عائلة واحدة أتت من موسى كلا، التي كانت تحت سيطرة طالبان حتى قبل عام من الآن، ولم يكن يصلنا منها سوى عدد قليل من المرضى. وقصة هذه العائلة تساعد في توضيح جوانب الأزمة.

كانت الأسرة فقيرة للغاية وتكافح لتأمين طعامها وكانت الأم الشابة حاملاً. هذا هو حال العديد من العائلات الآن - لا توجد وظائف وكل شيء في السوق مكلف للغاية. كما أن المعلومات المتاحة للناس عن الصحة ورعاية الأطفال محدودة للغاية، لذلك عندما يكون طفلهم مريضاً بشدة، فإنهم في بعض الأحيان لا يعرفون ماذا يفعلون أو إلى أين يذهبون.

عندما ولد الطفل، أصبحت الأم الشابة ضعيفة للغاية ولم تستطع إرضاع طفلها. كانت الطفلة الصغيرة تعاني من سوء التغذية منذ اليوم الأول من حياتها.

وعلى الرغم من أننا نعالج العديد من المرضى لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، إلا أن هذه الفتاة الصغيرة معنا الآن في مركز التغذية منذ ثلاثة أشهر. وهي لا تزال ضعيفة، لكننا نأمل أن تتحسن برعايتنا.

البحث عن الأمل
حالياً في أفغانستان، يشعر الكثير من الناس بالخوف كل يوم. لكننا نستحق حياة كريمة ونريد أن نعيش بسلام. 

في هذه الأوضاع، يمنحني عملي مع أطباء بلا حدود الأمل. 

في مستشفى بوست، لدينا أكثر من 1300 موظف - وهو أحد أكبر مشاريع أطباء بلا حدود في العالم. المستشفى نفسه يأتيه ما لا يقل عن 700 مريض كل يوم. في بعض الأحيان يبلغ عددهم 900، ومعظمهم من الأطفال.

في مركز التغذية يعمل فريقنا ليلاً ونهاراً لعلاج المضاعفات الطبية المباشرة لسوء التغذية، بالإضافة إلى تحضير الأطعمة العلاجية باستمرار لإطعام كل طفل ثلاث مرات في اليوم.

أعمل هنا منذ عام 2010 عندما تم افتتاح المستشفى لأول مرة، وما زلت فخوراً بما نقوم به كل يوم. نعمل بجد لمساعدة الناس شديدي الفقر، الذين قد يتأثرون بشدة مما يحدث - مثل تلك العائلة الشابة من موسى كلا.

إذا كنت تقرأ هذا وكنت شخصاً تبرع لمنظمة أطباء بلا حدود مرة أو أكثر، أطلب منك من فضلك مواصلة دعمك. فنحن نقدم شيئاً، إن لم نقدمه، لن يكون بإمكان الناس الحصول عليه هنا: ألا وهو الرعاية الطبية المجانية المنقذة للحياة.

ونحن في الطاقم الطبي، لا نهتم بالوضع السياسي، فنحن هنا من أجل مرضانا.

* تم تغيير اسم هذا الموظف لحماية هويته