تمرير

الخوف من القصف: لماذا يتحدث الناس عن الطقس في شمال غرب سوريا

12 يناير 2020
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
الجمهورية العربية السورية
شارك
طباعة:

تسببت العمليات العسكرية التي تشنها الحكومة السورية وحلفاؤها في جنوب إدلب وتشمل القصف والغارات الجوية والمعارك الأرضية بحركة نزوح جديدة واسعة النطاق هرباً من منطقة الحرب.

ويستضيف الجزء الشمالي من إدلب المحاذي للحدود التركية 1.5 مليون إنسان في وضع حرج، ووفق الأمم المتحدة فقد فر أكثر من 300 ألف شخص من بيوتهم منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ومعظمهم من جنوب إدلب، وهم خائفون ومشردون وضعفاء؛ كما أن محدودية خيارات إيجاد المأوى والاكتظاظ وبرد الشتاء في المناطق الجبلية، إضافة إلى عدم كفاية الاستجابة الإغاثية للاحتياجات، كل ذلك يزيد من حراجة وضعهم.

ويقول أحد مديري الأنشطة اللوجستية في أطباء بلا حدود: "نسمع بعض الأمور المزعجة عندما نخرج في عياداتنا الجوالة" ويضيف: "بالرغم من طقس الشتاء البارد يقول لنا الناس أنهم يخافون من الشمس، ويعتبرونها علامة سيئة، ذلك أن الطائرات تقصف عندما تكون السماء صافية، لذلك فهم يفضلون الأيام الباردة الغائمة الماطرة. وتقول تنبؤات الطقس أن الجو خلال الأيام القليلة القادمة سيكون مشمساً..".

فرق أطباء بلا حدود تقدم الدعم للمستشفيات والنازحين

نتيجة لتصعيد العنف، قُصفت عدة مستشفيات وخرجت عن الخدمة، منها مستشفى معرة النعمان وهو أكبر مستشفى في منطقة جنوب إدلب. وقد أخليت مستشفياتنا عندما امتدت الأعمال الحربية إلى منطقة قريبة منها. والمستشفيات التي تقع شمالاً تعمل بأقصى طاقتها وتبرعت منظمة أطباء بلا حدود بمواد طبية لعدة مستشفيات لدعم أنشطتها.

msf300691high.jpg

ومع وصول موجة تلو الأخرى من الأسر النازحة، فقد وسّعت فرق العيادات الجوالة التابعة لأطباء بلا حدود من أنشطتها لتشمل توزيع البطانيات، وقوالب وقود التدفئة المصنوع محلياً وغيرها من مستلزمات الشتاء، كما زاد فريق هندسة المياه من عمله بحفر مراحيض في مناطق تتركز فيها الأسر الواصلة حديثاً، إضافة إلى زيادة كميات مياه الشرب التي يتم تزويدها.

وقد شاهدت فرقنا التي تقدم الرعاية الطبية في مخيم دير حسان في منطقة الدانة وصول نازحين على طول فترة العملية العسكرية. ويقول أحمد، وهو ممرض يعمل في أطباء بلا حدود: "يقولون أن الرحلة كانت شديدة الصعوبة، فقد تركوا كل شيء وهربوا وأمَّن لهم بعض المتطوعين مركبة تقلهم. بعض الأسر الأخرى نزحت ليلاً لكنهم لم يستخدموا أضواء السيارات فوقعت حوادث من جراء ذلك على الطريق".

تشتدّ حاجة النازحين للملاجئ والتدفئة خلال البرد القارس

يتألف مخيم دير حسان من عندة تجمعات سكنية مرتجلة حيث وصل أكثر من 11,000 شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقد تلقى هؤلاء النازحون حديثاً سلة طوارئ غذائية صغيرة فقط فيها أطعمة معلبة، لكنهم لم يحصلوا على مأوى أو أدوات تدفئة.

وشرحت أم لأربعة أطفال أنها تشاركت مع أسرة من ستة أفراد ووضعوا كل ما لديهم من مال لشراء خيمة كي لا يتركوا أطفالهم في العراء في مثل هذا الجو البارد. بعض الأسر تتشارك الخيام مع الأقارب، لكنها سرعان ما تصبح مكتظة. والوضع بشكل عام حرج. وللاستجابة لزيادة أعداد النازحين في مخيم دير حسان تدير أطباء بلا حدود عيادة جوالة لتقديم الرعاية الصحية الأولية.

أما في منطقة حارم، وهي منطقة جبلية في غرب شمال إدلب، فقد وزع فريق أطباء بلا حدود مواد إغاثية في 7 يناير/كانون الثاني لـ 52 عائلة كانوا قد وصلوا للتو، وقد فروا من مخيم للنازحين على مقربة من خطوط الجبهة، وبالنسبة لبعض الأسر هذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي ينزحون فيها للنجاة بأرواحهم.

يلوح اليأس في ظلّ اضطرار النازحين على الفرار واعتمادهم على المساعدات

ويقول منسق مشروع أطباء بلا حدود في شمال إدلب، كريستيان ريندرز: "مع وجود أكثر من مليون نازح مسبقاً في المنطقة، يشكل نقص المأوى وشبه الاعتماد التام على المساعدات مشاكل متفاقمة. أحياناً لا يتوفر مكان للأسر الواصلة حديثاً في المخيمات الرسمية، وفي المخيمات الأخرى يُطلب من الناس أن يجلبوا معهم خيامهم أو ما يؤويهم".

ويضيف ريندرز: "توجد منظمات تعمل على حل هذا الوضع، لكنه في الوقت الراهن يشكل معضلة كبيرة. علاوة على ذلك، فليس هنالك سوى القليل القليل من فرص الكسب، وتضخم الأسعار في سوق الأغذية مرتفع جداً ، لذلك يستدين الناس بدون أمل أن يتمكنوا من السداد، ومع مرور الوقت يصبحون معتمدين بشكل كلي على المساعدات".

ويتابع مدير الأنشطة اللوجستية في أطباء بلا حدود: "هناك الكثير من الحزن واليأس في هذه المخيمات. تحدثت مع رجل كان ينتظر دوره أثناء توزيع مساعدات وسألته عن أمنياته وخططه. فأجابني بصوت منكسر أن أقصى أمانيه هي أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يضطر فيها مع أسرته للنزوح. فما عساك تجيبه؟"

عيادات أطباء بلا حدود المتنقلة تحاول المساعدة

في الجزء الشمالي من محافظة إدلب تدير أطباء بلا حدود أربع عيادات جوالة تتناوب على زيارة أكثر من 15 مخيم وتجمعات غير رسمية. وتجري الطواقم الطبية نحو 4,500 استشارة كل شهر، ونحو نصف المرضى هم من الأطفال دون سن الخامسة عشرة.

أما الشكايات الطبية الأكثر شيوعاً فهي عدوى الجهاز التنفسي، بينما أكثر العوامل المرضية شيوعاً بين الواصلين الجدد هي الصدمة النفسية. هنالك أيضاً الكثير من المرضى بحاجة إلى علاج في مستشفيات كإصابات الحرب التي باتت ملتهبة أو ذوي الأمراض المزمنة الذين لم يحصلوا على الدواء منذ مدة طويلة.

الحدود التركية مغلقة أمام السوريين باستثناء إحالات المستشفيات لبعض الحالات الطبية الطارئة والحرجة، وخطوط جبهات العملية العسكرية التي تشنها الحكومة السورية تتحرك بثبات وعنف شمالاً باتجاه الطريقين السريعين الرئيسيين اللذين يمران عبر إدلب من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وبالتالي تنحصر تجمعات النازحين في منطقة تتقلص بشكل متواصل، حيث تسببت العملية العسكرية السابقة بين شهري أبريل/نيسان وأغسطس/آب التي قام بها الجيش السوري وحلفاؤه بنزوح أعداد كبيرة من الناس.

توجد الكثير من المنظمات التي تعمل على مساعدة الناس في شمال إدلب لكن الاحتياجات تستنفد قدرات المساعدة المتاحة إلى حدها الأقصى. ومازالت الحاجة إلى المساعدات الإغاثية الطارئة في إدلب كما هي على أشدها.

تقدم فرق أطباء بلا حدود في شمال غرب سوريا الرعاية الصحية للأمهات، والرعاية الصحية العامة وعلاج الأمراض غير المعدية من خلال عيادات جوالة. كما توزع المواد الإغاثية وتحسن أنظمة الماء والصرف الصحي. وتدعم كذلك أنشطة التلقيح الدورية في مركزي لقاح ومستشفى ومن خلال خدمات العيادات الجوالة.

كذلك في شمال غرب سوريا تدير أطباء بلا حدود وحدة متخصصة لعلاج الحروق تقدم الجراحة وتطعيم الجلد والتضميد والعلاج الفيزيائي والدعم النفسي. وتقدم أطباء بلا حدود الدعم عن بعد للرعاية الصحية الأولية والثانوية في عدة مستشفيات وعيادات في محيط إدلب وحلب، ولديها شراكات إدارة مشتركة مع ثلاثة مستشفيات.

كما أن برامج أطباء بلا حدود في محافظات الرقة والحسكة وحلب في شمال شرق سوريا مستمرة بالرغم من تخفيضها بشكل مؤقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019. وقد استأنفت أطباء بلا حدود بشكل مطرد بعض أنشطتها في مخيمات الرقة والهول والروج ونيروز، وكوباني/عين العرب وتل كوجر/اليعربية، لكنها لم تتمكن بعد من العودة إلى دعم مستشفى تل أبيض في شمال شرق سوريا ولا من العودة إلى المنطقة المحيطة التي فر منها غالبية السكان بمن فيهم الطواقم الطبية في أكتوبر/تشرين الأول.

لا تتلقى أطباء بلا حدود أي تمويل حكومي لعملها في سوريا، وذلك لضمان استقلاليتها عن الضغوط السياسية.