تمرير

لاجئون في السابق يساعدون لاجئين حاليين في العراق

2 ديسمبر 2019
قصة
الدول ذات الصلة
العراق
شارك
طباعة:

ينحدر جمال وجلال من قضاء سنجار الواقع في شمال غرب العراق والذي يعد موطن المجتمع اليزيدي. ويتمتع كلاهما بالصفات التي تبحث عنها منظّمة أطباء بلا حدود في العاملين في مجال الصحة، فهم يستطيعون تسليم مهامهم على وجه السرعة والذهاب للاستجابة لحالات الطوارئ فيما يقل عن 48 ساعة.

عندما أعيد افتتاح مخيم بَردَرَش في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019 لاستضافة اللاجئين الأكراد القادمين من شمال شرق سوريا في أعقاب العملية العسكرية التركية في المنطقة، شكّل جلال وجمال جزءاً من أول فريق طبي أرسلته أطباء بلا حدود إلى الموقع. يعيش اليوم أكثر من 13,000 شخص أتوا من سوريا في هذا المخيم الذي أُنْشِئ في العام 2013 ليأوي النازحين العراقيين الفارين من القتال الذي كان دائرًا في الموصل.

إنّ جلال وجمال مسؤولان عن تقييم الاحتياجات النفسية لدى اللاجئين الذين يسكنون في المخيّم ريثما تنتهي المنظّمة من تجهيز برنامج خدمات الصحة النفسية، علمًا أنّهم بدأوا بتقديم الدعم النفسي الأولي لسكان المخيّم.

ويقول جمال في هذا الصدد، "يتطلّب عملنا التنقل داخل المخيم وزيارة كل الخيم لنتحدّث إلى العائلات ونرصد الأعراض التي قد تكون ناتجة عن حالة الصدمة". بحُكم أنّنا عشنا كلاجئين من قبل، نحن نعرف ما قد يشعر به سكان المخيم في هذه اللحظات التي مررنا بها نحن. وما يسهّل علينا فهم هؤلاء بشكل أكبر هو أنّ اللغة الكردية التي يتكلّمها اكراد سوريا تشبه تلك التي نتكلّمها هنا، ويساعدنا ذلك على إنشاء رابط وثيق بيننا وبينهم".

msf294723high.jpg

مرّ جلال وجمال بتجربة اللجوء المؤلمة عندما كان تنظيم الدولة الإسلامية مسيطرًا على منطقتهم في العام 2014. يقول جلال، "هربنا إلى المناطق الجبلية. ومن بعدها عبرت الحدود السورية مع بعض الأقارب قبل التوجّه إلى دهوك في كردستان العراق. وهناك استطعت اكمال دراستي عن بعد في جامعة الموصل في حين كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية".

تخرّج جلال في المركز الثاني على دفعته، وكان عليه التوفيق بين الكثير من الأنشطة خلال يومه. "من الساعة 8 صباحًا إلى 2 مساءً، كنت أحضر الصفوف. ثم كنت أذهب إلى مخيمات اللاجئين لتدريس اللغة الإنجليزية للأطفال الذين لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة. قضيت عطلات نهاية الأسبوع والأعياد في المخيمات كمتطوع. خضعت لتدريبات الإسعافات الأولية وتابعت دراسة اللغة الإنجليزية".

في 2018، عندما كان في سنوني لتجديد بطاقة هويته، سمع عن إنشاء منظّمة أطباء بلا حدود لمشروع خدمات الصحة النفسية وانضم إلى فريق المنظّمة. يعمل جلال الآن كمترجم طبي وجمال كعامل في مجال الصحة المجتمعية وذلك في إطار الاستجابة للصدمة النفسية التي يعاني منها السكان نتيجة العيش لفترة زمنية تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

يقع مخيّم بَردَرَش على أرض واسعة تغمرها أشعة الشمس، وتأوي خيمه في جو من الحر العائلات التي أُجبِرت على الفرار من النزاعات القائمة في شمال شرق سوريا بحثًا عن الأمان. ويقول جمال، "جئنا نخبرهم أنّ لديهم مستقبلًا هنا وفي أي مكان آخر، وأنّ هناك مثلنا العديد من المنظّمات غير الحكومية التي ستقّدم لهم مختلف أنواع المساعدة. كذلك نقول لهم أنّنا جاهزون للاستماع إليهم". ويضيف جمال، "ونغتنم فرصة تواجدنا معهم لنشرح لهم كيفية التعامل مع الضغوطات من خلال بعض تمارين التنفّس والتدليك الذاتي". وفي نهاية كل مقابلة، يوزّعان على العائلات مطوية تقدم شرحًا عن أعراض المعاناة النفسية لكي يستطيعوا رصدها واللجوء للمساعدة الطبية.

ويردف جلال والبسمة على وجهه، "نطرح نحن الأسئلة على الناس ويطرحون غيرها علينا بالقدر ذاته، وهذا أمر طبيعي. حتى لو لم نكن نملك جميع الأجوبة، ما يهمهم هو أنّه يمكنهم مشاركة قصصهم ومخاوفهم وشكوكهم. هذا يساعدنا على تحديد الأشخاص الذين قد يحتاجون إلى مزيد من الدعم".

بعد بضعة أيام، وصل فريق جديد لتولي مهام جمال وجلال لكي يعودا إلى سنوني ويستأنفا عملهم الطبيعي. قد يأتيان إلى المخيم مرة أخرى إن لزم الأمر. أما عندما نسأل جلال عما إذا كان يشعر بالتعب من طبيعة العمل السريعة والمستمرة، يجاوب بلا تردّد، " لا أكلّ من مساعدة الناس".