تمرير

منظمة أطباء بلا حدود تقدم الرعاية الصحية للاجئين والمهاجرين المحتجزين في ليبيا

16 مايو 2017
آخر
شارك
طباعة:

لم تزل ليبيا مجزأة بالصراعات والمعارك التي تدور في أجزاء مختلفة من البلاد. فانعدام الأمن والانهيار الاقتصادي وغياب القانون والنظام يعني أن الليبيين يعيشون معاناة يومية في حياتهم. إضافة إلى ذلك فإن البلد يعتبر وجهة ومكاناً لعبور مئات آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر المدقع والاضطهاد.

أما في داخل ليبيا، فالكثير من المهاجرين غير قادرين على العودة إلى بلدانهم. لا يمكن للاجئين وطالبي اللجوء الحصول على الحماية بسبب عدم وجود نظام أو برنامج للجوء ومحدودية دور مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وواقع أن ليبيا ليست عضواً في اتفاقية اللاجئين.

يتعرض هؤلاء الناس إلى مستويات مروعة من العنف والاستغلال على أيدي قوات الأمن أو الميليشيات أو شبكات التهريب أو العصابات الإجرامية أو الأفراد العاديين. وقد سمعت فرق أطباء بلا حدود العاملة على سفن الإنقاذ في البحر المتوسط روايات الضحايا كما شاهدت آثار ما تعرض له أكثر من 50,000 رجل وامرأة وطفل (بعضهم في عمر لا يزيد عن 8 سنوات ويسافرون دون مرافق) عبروا خلال ليبيا وركبوا البحر في رحلة غير آمنة إلى أوروبا.

ويتم إرسال أولئك الذين يتم اعتراضهم في البحر من قبل خفر السواحل الليبي أو يتم احتجازهم داخل ليبيا إلى مراكز احتجاز المهاجرين – والتي غالباً ما تكون عبارة عن معامل أو مستودعات سابقة. يواجه الناس هنا الاحتجاز التعسفي لفترات طويلة من الزمن في ظروف غير صحية وغير إنسانية، ولا توجد هنالك طريقة لتحدي مشروعية احتجازهم، فليس لديهم منفذ إلى العالم الخارجي إضافة إلى المعاملة السيئة وانعدام الرعاية الطبية.

الرعاية الصحية في مراكز الاحتجاز

تدير منظمة أطباء بلا حدود الآن عيادات متنقلة في 7 من مراكز احتجاز المهاجرين تقع في طرابلس ومحيطها وهي تحت إدارة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

ومنذ أن بدأت الأنشطة في شهر يوليو/تموز تمكنت أطباء بلا حدود من إجراء 5,579 استشارة طبية، كما يجري الطاقم الطبي حالياً نحو 500 استشارة كل أسبوع. وتلقت 32 امرأة حامل من المحتجزات استشارات ما قبل الولادة كما تم تقديم 41 استشارة لأطفال دون سن الخامسة، كثيرون منهم ولدوا في مراكز احتجاز. أما أصغر المرضى الذين رأيناهم فكان عمره 5 ساعات فقط.

في حال حدوث طارئ طبي داخل أحد مركز احتجاز، وبموافقة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، تحاول أطباء بلا حدود ترتيب إحالة إلى مستشفى. حتى الآن تمت إحالة 113 حالة طبية طارئة أو معقدة إلى مرفق صحي من أجل تلقي علاج متقدم، ومن بينهم 7 أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية حادة. وتستغرق كل عملية إحالة وقتاً غير قليل وتنطوي على تعقيدات حيث أن الكثير من المستشفيات في طرابلس لا ترغب في استقبال الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء.

الحالات الطبية المتعلقة بظروف الاحتجاز

تعالج الطواقم الطبية التابعة لأطباء بلا حدود أمراض المجرى التنفسي والإسهال المائي الحاد، وأمراض الجلد وأمراض المجرى البولي. ومعظم هذه الحالات تكون ذات صلة بالظروف داخل مراكز الاحتجاز والتي لا تلبي أية معايير محلية أو إقليمية أو دولية، فهي مكتظة على نحو خطير دون وجود ما يكفي من الإضاءة أو التهوية الطبيعية. في بعض المراكز لا تتعدى المساحة المتاحة للشخص الواحد (0.41 متر مربع) بحيث لا يستطيع الناس التمدد للنوم ليلاً، ما يؤدي إلى معاناة الكثير منهم من آلام في الجسد.

هنالك نقص في الغذاء في مراكز الاحتجاز ما يجعل الناس أكثر عرضة للأمراض والعلل الحادة. وقد عانى عدد لا بأس به من المحتجزين من نقص هائل في الوزن وبدا عليهم الهزال الشديد ونقص التغذية بسبب صغر كميات الطعام التي تحوي ما بين 600 – 800 سعرة حرارية يومياً والمحتوى الغذائي غير المتوازن – فغالباً ما يتألف الطعام من المعكرونة فقط. أحياناً توزَّع الحصة الغذائية الواحدة على خمسة محتجزين أو أكثر أو يُقدَّم الطعام في قصعات جماعية ما يعني أن الأضعف أو الأقل قوة لن يحصل على شيء.

إن عدد حالات سوء التغذية لدى الكبار التي تشهدها أطباء بلا حدود في ازدياد، بوجود 41 حالة يعانون من سوء التغذية المتوسط إلى الحاد تم تشخيصهم في النصف الأول من شهر نوفمبر، ويشكل هذا ما يقارب 3 في المئة من عدد جميع المحتجزين في المراكز التي زارتها أطباء بلا حدود. ويعتبر هذا العدد من البالغين المصابين بسوء التغذية إلى هذه الدرجة في بلد لا يعاني من قحط أو كارثة طبيعية أمراً مقلقاً جداً.

لا يتوفر للمحتجزين ما يكفي من مياه الشرب النظيفة، أحياناً أقل من لتر واحد للشخص يومياً، ونتيجة لذلك يعانون من الصداع والإمساك والجفاف. كما أن المراحيض وأماكن الاستحمام محدودة للغاية ومرافق النظافة غير كافية ما يؤدي إلى معدلات عالية في الإصابات الجلدية وتكاثر القمل والجرب والبراغيث.

وزعت أطباء بلا حدود أطقم نظافة على المحتجزين في مراكز الاحتجاز التي زارتها الفرق الطبية. كما قامت بتوزيع صفائح المياه والدلاء ومواد التنظيف في عدة مراكز احتجاز. وفي حالات معينة نفدت فيها مخزونات الطعام وأصبح الوضع فيها حرجاً، اضطرت أطباء بلا حدود إلى شراء أكياس من الخبز وعلب الجبن المطبوخ من السوق المحلية لإطعام المحتجزين. وتواصل أطباء بلا حدود حث جميع السلطات المعنية على تقديم كميات غذاء كافية وجيدة.

دعم الصحة النفسية

يقوم فريق رعاية نفسية أولية بدعم المحتجزين الذين تعرضوا لحوادث مؤذية في البحر. وقد تم تقديم الدعم لـ29 ناجياً من تحطم سفينة وقع يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول حيث غرق في الحادث ما لا يقل عن 100 شخص. ويهدف الفريق إلى تحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والدعم النفسي ليس فقط لتجمعات المهاجرين بل أيضاً لليبيين في منطقة طرابلس.

الخيار الصعب: تقديم الرعاية الصحية في مراكز الاحتجاز

إنه لخيار صعب بالنسبة لأطباء بلا حدود أن تعمل في بيئة يُحتَجَزُ فيها الناس في ظروف لا تتوفر فيها الكرامة الإنسانية، ودون إمكانية فورية لتحسين ظروفهم، ودون وجود فكرة عن سبب احتجازهم أو المدة التي سيبقون محتجزين فيها.

إلا أن أملنا يكمن في أنه بوجودنا هناك وتقديمنا الرعاية الطبية يمكن لأطباء بلا حدود أن تضمن تحسناً فورياً في ظروف معيشة المحتجزين. في كل يوم تقوم فرق أطباء بلا حدود بالتحدث والمطالبة بالمعاملة الإنسانية للمحتجزين وتؤكد على أهمية حصول المحتجزين على ما يكفي من الغذاء والماء وتوفير المراحيض ومرافق الاغتسال. كما تضغط أطباء بلا حدود على السلطات لإطلاق سراح النساء الحوامل والنساء اللاتي لديهن أطفال رضع أو أطفال صغار، والمحتجزين ممن هم دون سن الثامنة عشرة، وذوي الإعاقات أو الأوضاع الصحية الحرجة.

وتبقى أطباء بلا حدود ضد الحجز التعسفي غير محدد المدة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا.