تمرير

العيش مع مرض السكري: المرضى السوريون والأردنيون يحاربون المرض الصامت - الجزء الثالث والأخير

19 نوفمبر 2017
قصة
الدول ذات الصلة
الأردن
شارك
طباعة:

تقول أم يوسف، والدة سورية وموظفة حكومية:

"يعاني مصطفى من السكري منذ أربع سنوات. حصل الأمر برمته في غضون عشرة أيام. لاحظت أن ابني بدأ يفقد الوزن ويدخل المرحاض كثيرًا، ولذلك قررت اصطحابه لرؤية الطبيب في أحد أيام السبت خلال عطلتي".

وأم يوسف معلمة تقصد عملها كل يوم ولكنها تبذل جهدها لإيجاد توازن بين حياتها المهنية والعائلية، ولكنها تولي اهتمامًا خاصًا لابنها مصطفى نظرًا لحالته الصحية.

وتُردف قائلةً:

"دُعينا في إحدى المرات إلى حفل خطوبة ابن أخي وتناول ابني هناك الكنافة[1] وشرب العصير. وفي مساء ذلك اليوم، شعر بتوعك وراح يهلوس وارتفعت حرارته للغاية. قصدنا العيادة وطلب الطبيب من الممرضات أن يجروا له اختبارًا معينًا سريعًا. وعندما صدرت النتيجة، بدا الطبيب مترددًا في إعلامي عنها. ظنّ أنني قلقة للغاية ومن الأفضل أن يكون زوجي برفقتي، وبعد دقيقة، طلب أن يُحال ابني إلى قسم العيادات الخارجية فورًا".

msf214823_medium.jpg

وأظهرت النتائج أن مستوى السكر في دم مصطفى يبلغ 467 ومستوى الدهون الثلاثية مرتفع أيضًا. صُعقت أم يوسف لسماعها هذا الخبر وتقول في هذا الصدد:

"لطالما اعتبرته صبيًا صغيرًا نشيطًا وبصحة جيدة، وهو صغير جدًا على أن يُصاب بهذا المرض. كان فقط في الثامنة من عمره عندما تم تشخيص إصابته بالسكري".

أصابت النتائج أم يوسف بالذهول وعجزت عن تصديق كلمات الطبيب، وتقول:

"كيف له أن يُصاب بالسكري في هذه السن المبكرة؟" وشرح لها الطبيب أن أكثر من 50% من حالات السكري لدى الصغار ليست وراثية، بل تظهر فجأةً عندما يحدث قصور في وظيفة البنكرياس فينتج القليل من الأنسولين أو يكف عن إنتاجه بالكامل.

واليوم، بعد مرور سنوات، يخضع مصطفى للعلاج الطبي المنتظم، ويُعطى الأنسولين من خلال حقنة. وتضيف والدته قائلةً:

"أغادر العمل بعد الظهر في الموعد المحدد لإعطاء مصطفى علاجه. يُجري اختبار سكر الدم بنفسه وأعطيه الجرعة المناسبة وفقًا للنتيجة".

ولكن مستوى سكر الدم في جسمه مرتفع جدًا من وجهة نظر الطبيب والممرضات العاملين مع أطبّاء بلا حدود في العيادة. فتضيف أم يوسف قائلةً بنبرة محبطة:

msf214820_medium.jpg

"ليس ملتزماً بعد باتباع التعليمات الطبية، ويبدو أنه لم يتقبل بعد مرضه بالكامل. يعمل مستشار الصحة النفسية في العيادة بجهد معه ليحثه على تقبل الواقع في نهاية المطاف".

ولمساعدته على التأقلم مع وضعه، تعمل العائلة بأكملها لتضمن أن يحظى مصطفى بحياة طبيعية، فتقول والدته:

"قدمنا إليه الخبز الأسمر والبسكويت الخالي من السكر، ولكنه لم يتقبلهما. ظل يسألني أسئلة صعبة على سبيل المثال "لماذا يتناول إخوتي ما يحلو لهم بينما لا يُسمح لي بذلك؟"".

ولكن بعد إصابة فرد واحد من العائلة بالمرض، تأثرت العائلة بأكملها؛ فتشرح أم يوسف قائلةً:

"وكأننا نعاني جميعنا من السكري. لا يمكن أن أرى ابني مستاءً ومحروماً من المأكولات التي استمتع بها في السابق وأشعر بالسعادة. اضطررنا إلى مساعدته على التأقلم مع وضعه، ولذلك حرمنا أنفسنا، وكذلك إخوته، من بعض المأكولات التي نحبها والتي تسبب الضرر لصحة مصطفى. ومع ذلك، يجد سُبلًا ليبتاع ما يحب وبالأخص في المدرسة عندما لا يحظى بما يكفي من الإشراف".

حضرت أم يوسف اليوم من أجل الموعد المخصص لابنها، ويعاين الطبيب مصطفى كل أسبوعَين ليراقب عن كثب مستويات السكر في دمه، ولكن أمرً مختلفًا حصل هذه المرة. فكان مستوى السكر أكثر انخفاضًا من المرة الأخيرة التي زار فيها العيادة، ويُخبرهما الطبيب أنه يُظهر تحسنًا وسيطرةً أكبر على المرض. تنظر أم يوسف إلى ابنها وتشعر بالسعادة، ويبتسم بدوره للإنجاز الذي حققه، فها هو يشعر بالانتصار أخيرًا.

msf214825_medium.jpg

**تم تغيير أسماء الأشخاص لحماية خصوصيتهم


[1] حلوى شامية


في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2014، استهلت أطبّاء بلا حدود مشروعًا للأمراض غير السارية في محافظة إربد في عيادتَين، مقدمةً العلاج الطبي للمرضى السوريين الذين يعيشون في المجتمعات المستضيفة والأردنيين الأكثر حاجة، فتعالج مجموعة من الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والربو وأمراض الأوعية الدموية ومرض الانسداد الرئوي المزمن. في أغسطس/آب 2015، أطلقت أطبّاء بلا حدود برنامج الزيارات المنزلية للوصول إلى المرضى الذين يعجزون عن الوصول إلى العيادتَين بسبب الإعاقات البدنية أو القيود المالية، من بين أسباب أخرى. وعلاوةً على ذلك، يوفر المشروع جلسات التثقيف الصحي والدعم النفسي الاجتماعي لمساعدة المرضى على عيش حياة صحية.

في الوقت الحاضر، تسجّل 3374 مريضًا نشطًا في مشروع الأمراض غير السارية في إربد، من بينهم 2113 (62.6%) يتلقون علاجًا لنوعَين من السكري. وأجرت أطبّاء بلا حدود 58.181 استشارةً تشمل الزيارات المنزلية، وذلك منذ بدء مشروع الأمراض غير المعدية في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2014.