تمرير

أطباء بلا حدود: البيان الافتتاحي لإطلاق المركز التعاوني العالمي للبحث والتطوير في مجال مقاومة مضادات الميكروبات

22 مايو 2018
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
سويسرا
شارك
طباعة:

ترحّب منظمة أطباء بلا حدود بالإطلاق الرسمي للمركز التعاوني العالمي للبحث والتطوير في مجال مقاومة مضادات الميكروبات في الاجتماع الواحد والسبعين لجمعية الصحة العالمية، والذي يشكّل فرصةً ليكون هذا المركز عاملاً مساعداً على ردم الفجوة في مجال البحث والتطوير للوصول إلى الأدوات الصحية الجديدة الملحّة لمواجهة واحدةٍ من أكثر المخاوف الصحيّة العالمية بروزاً وهي مقاومة مضادات الميكروبات.

شهدت منظمة أطباء بلا حدود بشكلٍ مباشر التحدّيات الناجمة عن مقاومة مضادات الميكروبات؛ من جرحى الحرب في سوريا والذين يخضعون للجراحة الترميمية في الأردن إلى مرضى الحروق في هاييتي، ومن المواليد الجدد في باكستان إلى مرضى السلّ المقاوم للأدوية المتعدّدة في جنوب إفريقيا والهند وأوروبا الشرقية، حيث كان الجزء الأكثر صعوبة في عمل فرقنا الطبية هو تشخيص وعلاج هذه الحالات الصعبة. كما شهدنا المرضى الذين يعانون من الآثار الجانبية الخطيرة لأساليب العلاج القياسية المتّبعة كالإصابة بالصمم بسبب أدوية علاج السلّ المقاوم للأدوية المتعدّدة. أمّا الأكثر سوءاً فكانت أنواع الالتهابات المقاومة للأدوية المتعدّدة والتي يستحيل علاجها في غياب أيّ مضادٍ حيوي فعّال آخر.

يجب على هذا المركز إدراك أنّ مقاومة مضادات الميكروبات تمثّل تحديّاً لا يمكن مواجهته بالتدابير القياسية المعتادة إذا أردنا مواجهة الاحتياجات الصحية العامة الطارئة هذه، ولذلك تطرح المنظمة بعض التوصيات لكي يقوم المركز بالتزاماته المالية والسياسية ويكون قادراً على تحفيز آلية بحثٍ وتطوير جوهرها احتياجات المرضى لكي تكون الأدوات الطبية الجديدة لمواجهة أزمة مقاومة مضادات الميكروبات عادلة ومستدامة وفعالة من حيث التكلفة.

مقاربة تعطي الأولوية للمرضى

يجب على المركز دعم استجابة عالمية حقيقية في مواجهة مقاومة مضادات الميكروبات وتلبية احتياجات المرضى والأنظمة الصحية حول العالم. ولذلك يجب منح الأولوية لجدول بحثٍ يستند إلى قائمة المُمرضات الأشدّ في منظمة الصحة العالمية، بما فيها السلّ المقاوم للأدوية. كما يجب على جدول البحث هذا أن يعمل وبشكلٍ محدّد على تلبية احتياجات السكّان على مستوى العالم، والتركيز على آلية البحث والتطوير لإيجاد وسائل جديدة رخيصة، ومتاحة وقابلة للتكييف والاستخدام في أكثر المواقع الصحيّة فقراً بالموارد.

أمّا بالنسبة للتركيز على الأمراض، فيجب منح الأولوية للميكروبات التي تسبّب الأمراض وتؤثّر بشكلٍ واسع على الصحة العامة. ويجب أن يشمل البحث فرص الاستكشاف التي تمكّن من استخدامٍ أفضل للمضادات الحيوية الموجودة، أو شبه المنسية، أو المُهملة أو المسحوبة، إضافةً إلى تحديد الأدوية الجديدة القابلة للاستخدام مستقبلاً، وكذلك التقييم الملائم لاستخدام مزيج الأدوية. أمّا بالنسبة لطرق العلاج، فإنّ استخدام الأدوية الفموية كبديل عن الحقن ومزيج الأدوية ذات الجرعات الثابتة سيؤدّي إلى زيادة التزام المرضى بنظام العلاج المركّب. أمّا بالنسبة للأطفال فإنّ المركّبات الطبية البسيطة ستؤدي إلى علاجهم بشكلٍ أفضل، كما يجب الاعتماد على الأدوية والمنتجات الطبية التي لا تتأّثر بدرجات الحرارة ولا تتطلّب سلسلة تبريد خاصّة.

يجب على المركز التركيز بشكلٍ أساسيّ على مرض السلّ المقاوم للأدوية والذي يصيب نصف مليون شخصٍ جديد سنوياً ويودي بحياة ما يقارب ربع مليون شخص، وهو ما يدركه أعضاء مجموعة العشرين التي قامت بتأسيس هذا المركز في الإعلان النهائي لاجتماعها عام 2017. ويجب أن يكون الهدف النهائي توفير علاج فموي قصير الأجل ويتّسم بالفاعلية والسعر الرخيص.

الالتزام بسياسة ومبادئ البحث والتطوير

يجب على المركز ترقية البحث والتطوير بالتوافق مع المبادئ التي وافقت عليها جميع الدول في البيان الرفيع المستوى للأمم المتحدة حول مقاومة مضادات الميكروبات عام 2016. وكان البيان قد أكّد على أنّ "ترتكز جميع جهود البحث والتطوير على الاحتياجات، وتستند إلى الوقائع وتسير وفق مبادئ الإتاحة والفعالية والكفاءة والعدالة".

يجب اعتبار المنتجات والتقنيات الطبية الناتجة عن مركز مقاومة مضادات الميكروبات بضائع عامة، وضمان العائدات العامة من استثمارها من خلال توفيرها للجميع بأسعار رخيصة في المواقع المحدودة الموارد.

يجب على المركز أيضاً الالتزام بأفضل الممارسات والقواعد والمعايير العالمية، والتماشي بشكلٍ كامل مع خطة العمل العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية حول مقاومة مضادات الميكروبات، وإطار عمل منظمة الصحة العالمية حول التطوير والإدارة العالمية وكذلك عمل مجموعة التنسيق بين الوكالات حول مقاومة مضادات الميكروبات. وبالمقابل، يجب على منظمة الصحة العالمية أن تلعب دوراً هامّاً في تقديم النصائح الخاصّة بأولويات البحث والتطوير والنقاشات والقرارات المتعلّقة بالتمويل في المركز.

تحفيز البحث والتطوير القائم على الاحتياجات وليس الربح

يجب ألّا تعتمد آليات التحفيز الجديدة لتمويل البحث والتطوير على أرباح مبيعات المنتجات الصحية النهائية، سواء كان ذلك عن طريق الأسعار المرتفعة أو حجم الإنتاج، وهو المبدأ المعروف بفصل الربح عن حجم المبيعات. كما أنّه لا توجد في الواقع صلةٌ بين أسعار الأدوية الجديدة ونفقات البحث والتطوير، ولذلك يجب أن تركّز آليات تمويل البحث والتطوير على تلبية احتياجات الناس الصحية ولو أدّى ذلك إلى عدم تحقيق أرباح كبيرة، وتوظيف أكبر قدر من العائدات العامّة في الاستثمار.

وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تزيد محفّزات البحث والتطوير من التعاون في هذا المجال وأن تسرّع عملية تسليم المنتجات الجديدة من "البحث إلى التطبيق" وذلك عبر مشاركة نتائج البحث، ومعطيات الاختبارات السريرية، ومصادر المعلومات المشتركة إضافةً إلى المشاركة في حقوق الملكية الفكرية، حيث تؤدّي هذه الخطوات إلى تسريع وتيرة التطوير وتقلّل النفقات وتزيد الفعالية.

إنّ منظمة أطباء بلا حدود معنيّةٌ بشكلٍ خاصّ بالنقاشات الدائرة حول برنامج مكافآت دخول السوق والملكية الفكرية القابلة للنقل كآليات تحفيزية. فهذه الآليات لا تُطبّق بالشكل الذي يمكّنها من ضمان توظيف العائدات العامّة في الاستثمار العام بالشكل الصحيح والملائم، وهي تؤدّي بدلاً عن ذلك إلى ترسيخ دورة الربح المركّز، والأدوية الباهظة ومحدودية حصول المرضى على الأدوية. كما أنّ ارتفاع الأسعار يعيق الاستخدام الملائم للمضادات الحيوية، وهو يُضعف قدرة البلدان على تطبيق إجراءات الإدارة الملائمة.

وبغرض الإتاحة المستدامة للمضادات الحيوية الفعّالة يجب على المركز تبنّي مقاربات تحوليّة شاملة تمكّن عمليات البحث والتطوير من تأسيس نظامٍ بيئيٍ إبداعيٍ متين لتقديم العلاجات الفعّالة بما فيها الأنظمة العلاجية المركّبة، وذلك على عكس مقاربة الأدوية المفردة أو منتجات الشركة الواحدة.

إنّ منظمة أطباء بلا حدود تعتقد أن هدف "تحقيق التوازن بين الإبداع والإتاحة" الذي وضعه المركز يؤدّي إلى خلق تناقض وهمي بين الهدفين، بينما الواقع أنّ كلا الهدفين ممكن التحقيق. كما أنّ أي أداة طبية جديدة وفعّالة لن تعود بأيّ فائدة على الأشخاص الذين لا يستطيعون دفع ثمنها.

صوت الدول النامية

يجب الأخذ بعين الاعتبار رؤية وواقع البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لضمان فعّالية النقاشات واتخاذ القرارات، كما يجب على المركز أن يعمل بقوّة واستمرارية على إشراك منظمات المجتمع المدني، بمن فيها مجموعات المرضى وجهات العلاج غير الحكومية كمنظمة أطباء بلا حدود في هذه العمليات، لأنّ أهمية استمزاج رأي هذه الجهات لا يقتصر على خبرتها النظرية والعملية، ولكنّه يساعد أيضاً على جعل احتياجات الناس حجر الأساس في استجابة المركز لمقاومة مضادات الميكروبات.

تبعاً لهذه التوصيات، تؤمن منظمة أطباء بلا حدود أن مركز التعاون العالمي للبحث والتطوير في مجال مقاومة مضادات الميكروبات يمتلك القدرة على بدء عملية تطوير الأدوات الصحية الحيوية التي ستقوم بدورٍ إيجابي في حياة الناس العالقين في الأزمة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات.