تمرير

أفغانستان: واحدة من أكثر الأماكن خطورة في العالم فيما يخص الولادة

9 يوليو 2017
تدوينة
الدول ذات الصلة
أفغانستان
شارك
طباعة:

لطالما كان يوم الثامن من مارس (آذار) يوماً مميزاً بالنسبة لي ولعائلتي، فهو ليس اليوم العالمي للمرأة فحسب، بل هو عيد ميلادي أيضاً. كان والداي ناشطين في مجال حقوق المرأة، إذ كانت والدتي تذكر دائماً تلك القصة عندما جاءت امرأة لزيارتها بعد يوم من ولادتي، حيث خرجت من السجن بكفالة بعد أن أودعت هناك بسبب المشاركة في مسيرة ليوم المرأة العالمي (حينئذٍ لم تكن قوانين كوينزلاند تسمح بالتظاهر). لقد كنا نحتفل عادةً بعيد ميلادي في فترة الطفولة من خلال المشاركة في مناسبات يوم المرأة العالمي.

17309898_1431899713507880_8775787542675464611_o.jpg

ربما أثرت روح الدفاع عن حقوق المرأة في خياراتي المهنية، حيث أصبحت طبيبة توليد تسعى لمساعدة النساء على الولادة دون التعرض للمخاطر. تشكل أفغانستان إحدى أكثر الدول خطورة من ناحية الولادة، فهناك ما يقدر بـ (396) حالة وفاة من أصل كل (100,000) من الولادات الحية في أفغانستان، في المقابل، تشهد أستراليا (6) وفيات من أصل كل (100,000) ولادة

لماذا المرأة الأفغانية أكثر عرضة من غيرها للوفاة أثناء الحمل والولادة؟ خلال البحث الميداني الذي أجريته في مستشفى التوليد التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في خوست، أفغانستان، التقيت بالكثير من النساء اللواتي سلطن بعض الضوء على الإجابات المعقدة لهذا السؤال.

في أفغانستان، تتم اثنتين من كل ثلاث ولادات في المنزل، دون وجود أي قابلات مؤهلات. نلاحظ في كثير من الأحيان أثناء وجودنا في مستشفى خوست النساء اللواتي حاولن الولادة في المنزل وذلك قبل وصولهن إلى المستشفى بسبب المضاعفات مثل النزيف بعد الولادة. أتذكر امرأة أنجبت مولودها في المنزل، وبعدها، بدأت تنزف بغزارة. تمكنت تلك المرأة من الحصول على القليل من الرعاية في المنزل، لكنها لم تتمكن من الذهاب إلى المستشفى بأمان بسبب حلول الظلام. وعندما وصلت في صباح اليوم التالي كانت تحتضر، ولم تكن تستجب نهائياً ونبضها ضعيف جداً. وعلى الرغم من العناية الطبية الفورية، لكن للأسف، فقد فارقت الحياة.

17218366_1431901666841018_7041453154540631919_o.jpg

تفضل كثير من النساء اليوم الولادة في المستشفى، لكن ما تزال هذه المسالة صعبة للغاية، فغالباً ما يتعيّن عليهن السفر لمسافات طويلة في طرقات مليئة بمخاطر جمة. قبل وصولي بقليل، كانت امرأة تضع مولودها في المستشفى، وأثناء عودتها إلى المنزل، انفجرت قنبلة مزروعة على جانب الطريق، لم تكن المستهدفة في التفجير، لكنها فارقت الحياة مع مولودها.

تفتقر الكثير من المناطق في أفغانستان إلى مراكز الرعاية الصحية الوقائية والرعاية الصحية قبل الولادة، لذلك لا تأخذ النساء والمسؤولون هناك دوماً في الحسبان علامات الخطر التي تظهر أثناء الحمل أو التوقيت الذي يتعين عليهن الحصول فيه على المساعدة. وثمة مسألة أخرى هي أن المرأة نفسها لا تكون عادةً من أصحاب القرار.

لذلك حتى لو كانت المرأة تعتقد بأنها بحاجة إلى الرعاية الطبية، يكون القرار في نهاية المطاف لزوجها وأم زوجها. بالإضافة الى ذلك، قد تحتاج المرأة إلى من يرعى شؤونها من الذكور بهدف مرافقتها إلى المستشفى والموافقة على أي عملية جراحية أو أيٍ من طرق تنظيم الأسرة.

في قسم التوليد، نتداول شعارات خاصة بعوامل الخطر التي تتعلق بوفيات الأمهات: "مبكر جداً، متأخر جداً، كثير جداً، قريب جداً، كل ما سبق". للأسف، تنطبق كل هذه العناصر على أفغانستان.

تميل المرأة الأفغانية إلى الزواج وإنجاب الأطفال في وقت مبكر من حياتها، ولأن المجتمع يتوقع منها إنجاب الكثير من الأطفال، فإنها غالباً ما تستمر في الإنجاب حتى خلال فترة الأربعينيات من عمرها، حيث تظهر المضاعفات في هاتين الفترتين من الطيف العمري، كما يشهد مركزنا ولادة الكثير من النساء لطفلهن الأول، في حين تلد نساء أخريات يكبرنهن بالعمر طفلهن التاسع أو العاشر.

وعلاوة على ذلك، لا تمتلك النساء في كثير من الأحيان القدرة على التحكم بالفترات الفاصلة بين المواليد لأنهن أصلاً لا يستطعن الوصول إلى طرق تنظيم الأسرة، أو التحكم بالقرارات التي تتعلق بخصوبتهن. إن فترات الحمل المتقاربة كثيراً محفوفة بالمخاطر بالنسبة للأم والطفل لأن جسد المرأة لا يكون قد تعافى بعد، فعلى سبيل المثال تعويض المواد الغذائية، مثل الحديد والكالسيوم وحمض الفوليك، التي يتم استهلاكها خلال فترة الحمل

على الرغم من أن المخاطر التي تتعرض لها المرأة الأفغانية عند الولادة مرتفعة للغاية على نحو غير مقبول، إلا أن الأعمال التي تقوم بها منظمة أطباء بلا حدود تترك آثاراً إيجابية في هذا الشأن.

في أماكن مثل خوست حيث تحتاج إلى الكثير من خدمات رعاية الأمومة، يحظى مركزنا باحترام كبير إزاء جودة خدمات الرعاية التي نقدمها. فقد بدأ وجودنا يغير المواقف ذات الصلة بأماكن ولادة النساء وبأهمية وجود قابلات ذوات خبرة.

وخلال قيامي بالبحث الميداني، قمنا بعقد اجتماع مع قادة المجتمع المحلي، حيث ناقشنا فكرة أنه من الأهمية بمكان إذا ما أراد المرء أن يكون رجلاً شريفاً أن يأتي بزوجته إلى المستشفى لضمان ولادة آمنة لها، حيث نقوم بالتركيز على حالات الولادة المعقدة عندما تكون فيها المرأة بحاجة إلى رعاية رفيعة المستوى تقوم منظمة أطباء بلا حدود بتوفيرها.

17264349_1431903756840809_3558572319266281703_n.jpg

في عام 2016، قمنا بتعزيز الأنشطة الخاصة بالصحة لرفع الوعي حول مضاعفات الولادة وذلك في جميع أنحاء المجتمع بما فيها الرسائل الإذاعية. كما عملنا مع العيادات الخاصة لضمان تحويل النساء اللواتي يعانين من مضاعفات إلى المستشفى على الفور.

نقوم من خلال جميع المشاريع التي ننفذها بالتركيز على مسألة تعليم وتدريب الأطباء والقابلات المحليات، الأمر الذي يعد مهماً للغاية لأن الموظفين الدوليين يأتون ومن ثم يغادرون، في حين لا تغادر الطواقم المحلية.

تاريخياً، وبسبب عدم تعليم المرأة، لم يكن هناك سوى عدد قليل من الطبيبات والقابلات اللواتي يقدمن الرعاية للنساء عند الولادة، أما ثقافياً، فتسعى الكثير من العائلات إلى الحصول على تلك الرعاية من طواقم نسائية فقط، وبهذا تترك مسألة تدريب الطواقم النسائية المحلية أثراً إيجابياً.

وبالإضافة إلى التدريب الذي نقوم به في مراكزنا، نقوم بتدريب القابلات في المراكز الصحية المحلية لتحسين الرعاية الخاصة بالولادات الطبيعية.