جنوب السودان: أمل في مكافحة مرض مهمل

South Sudan Hep E
تمرير
11 أكتوبر 2022
قصة
الدول ذات الصلة
جنوب السودان
شارك
طباعة:

لأكثر من 20 عاماً، واجهت فرق أطباء بلا حدود تفشيات لالتهاب الكبد E؛ وكان يحبطها أثر الوباء على المرضى، وعدم قدرتها على علاجه أو تقديم لقاح ضده. في عام 2022، ولأول مرة في العالم، تغير ذلك الوضع مع قيام منظمة أطباء بلا حدود، بالتعاون مع وزارة الصحة في جنوب السودان، بتنفيذ أول حملة تطعيم ضد التهاب الكبد E استجابة لحالة طوارئ صحية عامة.

وقام كل من الطبيبة في أطباء بلا حدود إيزا سيجلنتشكي وأخصائي المياه والصرف الصحي إتيان جينوكس بدراسة علم الأوبئة، بعد رؤيتهما لأثر التهاب الكبد E، و يقومان بالدعوة إلى استخدام اللقاح الوحيد في العالم ضد التهاب الكبد E. وفيما يلي يستذكران الرحلة الطويلة التي سبقت تحقيق حملة التطعيم.

وتقول إيزا سيجلنتشكي، التي تعمل الآن كمنسقة لبحوث العمليات لمنظمة أطباء بلا حدود: "كنا في مورني، بدارفور، السودان في عام 2004، ندير المستشفى في وسط مخيم ضخم للنازحين الذين نزحوا بسبب العنف. كطبيبة، كنت مسؤولةً عن وحدة العناية المركزة، حيث كنا نستقبل مرضى يعانون من شكل حاد من التهاب الكبد E. نصفهم من النساء الحوامل. لم يكن هؤلاء المرضى يعانون من اليرقان فحسب، بل فشل الكبد أيضاً. ولم يكن لدينا علاج لمكافحة هذا الفيروس، الذي يصل معدل الوفيات فيه إلى 25 في المئة للنساء الحوامل.

South Sudan Help E

وفي مخيمات النازحين واللاجئين حيث تعمل منظمة أطباء بلا حدود، لاحظت الفرق الطبية تفشي التهاب الكبد الوبائي E بشكل كبير وفتاك طيلة عقود. حيث ينتقل الفيروس عن طريق الأغذية والمياه الملوثة، ولكن على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين وضع المياه والصرف الصحي، من الصعب للغاية السيطرة على تفشي الفيروس بسبب استمرار وجوده في البيئة. لذا، يمكن أن يستمر لعدة سنوات.

ويقول إتيان جينوكس، عالم الأوبئة وأخصائي المياه والصرف الصحي الذي عمل في المخيم في عام 2004: "كنا نوفر أكثر من مليوني لتر من مياه الشرب لمورني كل يوم، لكننا لم نتمكن من السيطرة على تفشي المرض".

منذ عام 2011، يتم إنتاج لقاح ضد التهاب الكبد E، (لقاح هيكولين)، في الصين. وقد خضع لتجارب سريرية كاملة ويبلغ معدل فعاليته ما يقرب من 90 في المئة. وبالنسبة للعاملين الصحيين، يوفر اللقاح أملاً جديداً في مكافحة هذا الفيروس. ولكن قبل أن يمكن استخدامه لأول مرة خارج الصين خلال تفشي وبائي، كان لا يزال هناك طريق طويل يجب اجتيازه.

في عام 2015، أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام اللقاح في حالات تفشي المرض، بما في ذلك بين النساء الحوامل. لكن التهاب الكبد E هو مرض غير معروف كثيراً إلا أنه يصيب في الغالب الفقراء والمحرومين الذين يعيشون في مخيمات أو مساكن دون المستوى المطلوب. ويقدر أثر هذا المرض تقديراً ناقصاً إلى حد كبير ولا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه. وحتى هذا العام، لم تتخذ أي سلطة صحية للآن خطوة نحو تنفيذ حملة تطعيم، كما لم يكن صناع القرار بالضرورة على علم بوجود هذا اللقاح أو توصيات منظمة الصحة العالمية.

ومنذ عام 2016، تعمل الفرق الطبية لأطباء بلا حدود على تمكين استخدام اللقاح في حالات تفشي المرض في المستقبل. في عام 2020، عندما واجهت أطباء بلا حدود تفشياً جديداً بين النازحين في بوركينا فاسو، حاولَت تنفيذ حملة تطعيم واسعة النطاق ولكن لم تكن الجرعات متاحة. ولتجنب تكرار هذا السيناريو، طلبت المنظمة في أوائل عام 2021 جرعات مسبقة من اللقاح من الشركة المصنعة في الصين، جاهزة للشحن، تحسباً لتفشي المرض في المستقبل.

وفي يوليو/تموز 2021، بدأت فرق أطباء بلا حدود ترى حالات لالتهاب الكبد E في مخيم بنتيو للنازحين في جنوب السودان. وبدأت وزارة الصحة في جنوب السودان ومنظمة أطباء بلا حدود مناقشة كيفية استخدام اللقاح الجديد في الاستجابة لتفشي المرض. وتدرك سلطات جنوب السودان بشكل جيد مرض التهاب الكبد E والأخطار التي يشكلها على

الناس، وخاصة النساء الحوامل اللواتي يتعرضن لخطر الوفاة أكثر من غيرهن وكذلك الإجهاض التلقائي والمواليد الموتى. وكانت وزارة الصحة متحمسة لتنظيم حملة تطعيم بدعم من أطباء بلا حدود، وجرت الجولات الأولى في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2022.

وتم تطعيم حوالي 25,000 شخص، من بينهم نساء حوامل، في الجولتين الأوليين. ومن المزمع إجراء الجولة الثالثة والأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول والتي قد بدأت بالفعل.

وتختم إيزا سيجلنتشكي بالقول: "بعد سنوات من الإحباط، يُحْيي نجاح هذا التطعيم الآمال في مكافحة هذا الفيروس المهمل. ونأمل أن يشجع نجاح هذه الحملة الدول الأخرى على استخدام اللقاح للاستجابة لتفشي التهاب الكبد E".