أصوات من السودان: "أعود إلى السودان حاملةً قلبي لحظات القرب التي جمعتني بالسودانيين، حينما شعرنا بأن الحياة شبه طبيعية..."

 Short Intervention for IDPs in Port Sudan
تمرير
19 مارس 2024
آخر
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

في مطلع فبراير/ شباط 2024، تبوأت فرانشيسكا أرشيدياكونو منصب نائب رتيس بعثة أطباء بلا حدود. وسبق أن كانت رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في السودان العام الماضي ومن الشاهدين على اندلاع الحرب الحالية. فيما يلي تحدّثنا عن قرارها بالعودة إلى السودان وما تعنيه هذه العودة لها على الصعيد الشخصي. 

"للسودان مكانة خاصة في قلبي. أمضيت فيه عدة أشهر، من أكتوبر/تشرين الأول 2022 وحتى يوليو/تموز2023، خلال فترة مثقلة بكبرىفي  الأحداث. وفي حين هدفت استجابتنا آنذاك إلى دعم اللاجئين والمجتمعات المحلية المحرومة في مواقع محددة، سرعان ما اشتدّت الأوضاع حدةً وبتنا نخوض غمار نزاع مدمّر.

Francesca Arcidiacono 2

 ما زال اليوم الذي اندلعت فيه الحرب محفورًا في ذاكرتي. كان صباح يوم سبت، ولم يتوقّف هاتفي عن استقبال الرسائل والتحذيرات. كنت يومها بعيدة عن الخرطوم في زيارة لمشروعنا للاجئين الإثيوبيين والمجتمعات المضيفة في مخيم أم راكوبة في ولاية القضارف. وعندما أدركنا حدّة الوضع، ألغينا جميع الأنشطة المقررة لتلك الزيارة الميدانية.

خلال الأيام الأولى، تمحورت الجهود حول تنظيم عمليات الإجلاء وضمان سلامة فرقنا ومرضانا في الخرطوم وأم درمان والجنينة.

لم تراودني فكرة مغادرة السودان قط، رغم قربي من الحدود. وخلال بضعة أيام، تحولت الخرطوم من عاصمة مستقرة إلى ساحة حرب مدمَّرة. واندلعت موجات جديدة من العنف في مواقع عديدة في البلد وفي أنحاء دارفور.

لم يكن الدّمار الذي شهدناه جلّ ما أتذكره من هذه الفترة، بل صمود السكان ولطفهم رغم العنف والنزوح والظروف القاسية التي عاشوها. كان زملائي السودانيون يتواصلون معي على الدوام للاطمئنان على حالي ويشعرونني وكأنني بين أهلي. لقد عملوا على مدار الساعة لإطلاق استجابتنا الطارئة الجديدة في ولاية الخرطوم، وإنشاء قواعد الجديدة في ود مدني وبورتسودان، ومواصلة الأنشطة في ولاية القضارف.

والآن، سأعود إلى السودان لأتولى منصب نائب رئيس البعثة. فبعد نحو 11 شهرًا من الحرب، نشهد أزمة إنسانية بحجم غير مسبوق. لقي الآلاف حتفهم، ونزح الملايين، ووصل نظام الرعاية الصحية وخدمات أساسية أخرى إلى حافة الانهيار. يُتَوّقَّع أن يبدأ موسم الجفاف في غضون بضعة أسابيع، والتوقعات هذا العام أبعد ما تكون عن الإيجابية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال استجابتنا مقوّضة بسبب العقبات البيروقراطية الكثيرة، وما زلنا نواجه صعوبات في الوصول إلى بعض المناطق والمجتمعات الأكثر تضرراً من النزاع. يحصل هذا كلّه بالتزامن مع بدء شهر رمضان.

وعلى الرغم من التحديات والأخطار التي قد نواجهها في الأشهر القادمة، لم يتزعزع التزامي بدعم مشاريع أطباء بلا حدود في السودان مطلقًا. فالسودان اليوم من أمسّ البلدان حاجةً إلى أنشطتنا.

منذ انضمام فرانشيسكا إلى أطباء بلا حدود عام 2015، عملت في بلدان عديدة، بما في ذلك اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون والعراق ونيجيريا وهايتي والسودان. لم تنتهِ دراستها في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية عند الصعيد الأكاديمي؛ بل شكلت نقطة انطلاقها لإحداث تغيير ملموس في حياة أشخاص يكافحون وسط الأزمات، ما يجسّد جوهر العمل الإنساني.