تمرير

العراق: الصحة النفسية في ظل أزمة كوفيد-19 وما بعد الحرب

12 أكتوبر 2020
قصة
الدول ذات الصلة
العراق
شارك
طباعة:

في اليوم العالمي للصحة النفسية تلقي أطباء بلا حدود الضوء على الحالة النفسية للشعب العراقي، عانى الشعب العراقي من الصدمة لفترة طويلة ثم جاءت آثار وباء الكورونا وتبعاته الاقتصادية ليزيد من المعاناة النفسية لديهم. معظم مشروعات أطباء بلا حدود في العراق بها مكون للصحة النفسية. قمنا بإجراء مقابلات مع أخصائيي الصحة النفسية والمرضى في الحويجة والموصل، وهاتان المنطقتان من أكثر المناطق التي تأثرت بالنزاع في العراق. لاحظت فرقنا في هذه المناطق أن الحالة النفسية للمرضى قد ساءت، حيث وجدنا مستويات عالية جدا من القلق والاكتئاب والوسواس بين المرضى الذين كانوا يحاولون التعافي من آثار الحرب والنزوح، فكان الوضع الاقتصادي الحالي ووباء الكورونا من أهم أسباب استمرار معاناتهم.

الموصل: تقول صايمة زايي مدير نشاط الصحة النفسية لأطباء بلا حدود في الموصل

الموصل بشكل عام مدينة قوية وصامدة وكذلك هم أهل الموصل. لقد مروا بظروف قاسية. فبعد الحرب التي وقعت في عامي 2016 و2017 يحاول سكان الموصل التكيف من جديد. والآن تشكل جائحة كوفيد صدمة جديدة لهم. لقد اختلفت أسباب مشاكل الصحة النفسية مما كان عليه قبل كوفيد-19 عما أصبح بعده. كان المرضى يعانون من الصدمة أو دمار أو ضياع ممتلكاتهم أو اعتقال أفراد من أسرهم أو اختفائهم قسرياً. هذه المشاكل تسبب معاناة طويلة الأمد تشمل الاكتئاب والعنف المنزلي والصرع والآلام النفسية الجسدية.

حالياً معظم الحالات المرضية للصحة النفسية هي القلق والاكتئاب. هذا العام ارتفعت معدلات القلق لدى مرضانا من 45 في المئة إلى 68 في المئة، والاكتئاب من 10 في المئة إلى 20 في المئة. وهذه علامة سيئة لأن الحالات المرضية للصحة النفسية تطورت إلى معاناة نفسية أشد وأوضح. الأعراض تشمل المزاج الحزين، والانفعال والغضب، واضطراب النوم، ويكثر ذلك بين الإناث، إضافة إلى ازدياد الشكايات النفسية الجسدية. يعاني الأطفال من فرط النشاط ونقص النشاط، والذي زاد من 6 إلى 10 في المئة بسبب الوضع الحالي. كان المرضى يحاولون التكيف مع ظروف الحرب، ثم جاء وباء كوفيد-19 وسبب لهم فقدان الأمل بالمستقبل. العديد من المرضى قالوا بأن الأمور ستتحسن عندما يأتي "اليوم الآخِر".

saima_mh_activity_manager.jpeg
صايمة زايي مدير نشاط الصحة النفسية لأطباء بلا حدود في الموصل

الظروف الاقتصادية الحالية، وفقدان الدخل، وحظر التجول، والحالات الطبية الشديدة الأخرى، جميعها تؤدي إلى هذا المعدل المرتفع من القلق والتوتر والخوف والرهاب وفقدان الأمل واللامبالاة. ما نسبته 1.65 في المئة من مرضى أطباء بلا حدود لديهم أفكار انتحارية بسبب الشعور بعدم القدرة على إعالة أسرهم. معظمهم كانوا عمالاً باليومية اعتادوا كسب قوت كل يوم بيومه.

أما المرضى الذين أصيبوا فعلاً بكوفيد-19 يعانون نفسياً كذلك. إذ تنتابهم مشاعر الذنب وفقد القيمة وهم قلقون على أسرهم أكثر من قلقهم على أنفسهم.

تبدو احتياجات الصحة النفسية في الموصل أكبر من الخدمات المتوفرة. لكن لا يتوفر الوعي الكافي لدى المجتمعات حول ضرورة طلب دعم الصحة النفسية. لذا تقدم أطباء بلا حدود الدعم النفسي ونحيل المرضى الذين بحاجة لدعم طبي نفسي إلى منظمة أخرى. تقدم فرقنا هذه الخدمات في مركزين للرعاية الصحية الأولية. مجموعتنا الحالية النشطة من مرضى الصحة النفسية تضم 242 مريضاً. نرى شهرياً نحو 200 مريض بينهم المرضى الجدد ومن يأتون للمتابعة. قدمت فرقنا 31,034 استشارة منذ سبتمبر/أيلول 2019 (718 قبول جديد، 2615 متابعة وإغلاق حالات). كما قدمت فرقنا 1335 تثقيف نفسي جماعي و 178 جلسة تثقيف نفسي فردية في مراكز الرعاية الصحية الأولية حول مشاكل الصحة النفسية الشائعة لتقليل الوصمة وتحديد الحالات التي تحتاج إلى دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والإحالة إلى الأخصائيين النفسيين والأطباء النفسيين في أطباء بلا حدود.

نستقبل كذلك عدداً متزايداً لأننا نقدم أيضاً استشارات لمرضى كوفيد-19 ضمن مركزنا الخاص بعلاج كوفيد-19. يعاني المرضى من هذه الفئة من القلق والشعور بالذنب والإنكار. أجرينا 354 جلسة استشارات لحالات كوفيد (المشتبهة والمؤكدة)

الحويجة: تقول سانا صادق مدير أنشطة الصحة النفسية لأطباء بلا حدود في الحويجة

تقدم أطباء بلا حدود الخدمات الصحية لمجتمع الحويجة الذي يتكون من النازحين والعائدين والمجتمعات المضيفة. في مركز الحويجة للرعاية الصحية الأولية تقدم أطباء بلا حدود خدمات علاج الأمراض المزمنة والصحة النفسية والتوعية الصحية. كما نستقبل الحالات المحولة من منظمات أخرى. وتعتبر نسبة المشكلات الصحية في الحويجة مرتفعة مقارنة بالبلدات الأخرى في محافظة كركوك مثل العباسي وليلان. وتحرص أطباء بلا حدود في هذه المنطقة على تقديم رعاية صحية نفسية عالية الجودة، حيث تقدم المنظمة خدمات الرعاية الصحية النفسية والعلاج النفسي أيضًا. في محافظة كركوك تقدم المنظمة 154 جلسة نفسية في المتوسط كل شهر، ويبلغ إجمالي عدد المرضى لدينا 869 شخص يحضرون الجلسات النفسية الفردية والجماعية وجلسات الإسعاف الأولي النفسي. وفي الحويجة يبلغ معدل جلسات الصحة النفسية التي نجريها 94 جلسة نفسية في الشهر و 518 جلسة إسعاف أولي نفسي وعلاج نفسي في الشهر أيضا.

نجد أن أكثر الأمراض النفسية شيوعًا هو الاكتئاب بنسبة 70 بالمائة ويليه القلق ومتلازمة ما بعد الصدمة ثم غيرها من الأمراض. وتشمل العوامل التي تساهم في زيادة الأمراض النفسية القيود المادية وفقدان مصدر الرزق والمشكلات الأسرية وبعض الإصابات الجسدية الناتجة عن الانفجارات، والصدمات النفسية، وبعض الأمراض العضوية الأخرى. بعض المرضى الذين يعانون من مشاكل في الصحة النفسية يعانون أيضًا من أمراض مزمنة، أو أنهم نساء يحتجن للرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، والبعض الآخر هم أشخاص يعانون فقط من مشكلات نفسية ترجع لأسباب مختلفة. ولا نلاحظ فرقًا بين الجنسين فيما يخص الأمراض النفسية، حيث تتساوى تقريبا نسبة الرجال والنساء الذين يواجهون مشكلات نفسية. وتنتشر بينهم أمراض مثل الاكتئاب والقلق ومتلازمة ما بعد الصدمة والذهان.

وقد زاد ظهور وباء الكورونا من عدد المرضى الذين يعانون من مشاكل الخوف من المستقبل والشعور على الدوام بالتهديد خشية العدوى بالفيروس، مما حول هؤلاء المرضى إلى مرضى وسواس قهري. يرتبك روتين حياة هؤلاء المرضى عندما لا يتمكنون من أداء واجباتهم اليومية. ويصل الأمر بهؤلاء المرضى إلى المعاناة من تشوش في أسلوب التفكير وارتباك في عملية اتخاذ القرارات. وأحيانًا ما يعانون من غياب الدعم الأسري والاجتماعي مما يؤدي إلى تدهور وضعهم أكثر.

يمكن إدارة المشكلات النفسية والتعامل معها وقتما يزيد الوعي الاجتماعي بها، ففي بعض الأحيان لا يصل المرضى الذين يعانون من المرض النفسي إلى الشخص الصحيح الذي يوجههم لكيفية العلاج، وهذا ما يزيد من تعقيد المشكلة ويؤثر على مساهمة هؤلاء الأفراد في المجتمع بشكل صحي. ولتيسير وصول المرضى إلى العلاج يجب رفع وعي المجتمع بأهمية الصحية النفسية جنبًا إلى جنب مع تقديم الخدمات العلاجية وأيضا تقديم مزيد من التوعية للمرضى وأسرهم داخل المستشفيات.

g2.jpg

قصص المترددين على عيادات أطباء بلا حدود النفسية[1]

نور: كنت أعيش الصدمة بسبب موت زوجي في الحرب ثم جاءت الكورونا وجعلتني لا أنام

فقدت زوجي في حرب الموصل. مات أمام عينيّ ثم أحضروا جثته لي. أصبت بصدمة شديدة عندما فقدت زوجي في الحرب، وبسبب ذلك فقدت ثقتي في العالم بأكمله. لم أكن أتواصل مع أي أحد قبل ذلك حتى مع أسرتي في المنزل. يئست من الحياة وحبست نفسي في غرفة مظلمة. بقيت على تلك الحال لسنوات. بعدها عندما ظهر وباء كوفيد-19 بدأت أشعر بالقلق من الإصابة بالمرض. هناك وصمة عار كبيرة تحيط بالمرض، قضيت ليالي طويلة بدون نوم من شدة قلقي. لم أكن حتى أستطيع وضع رأسي على الوسادة.

قبل نحو شهرين من الآن نصحتني أسرتي بأن أطلب دعم الصحة النفسية. في البداية كنت معارضة للفكرة بشدة. لم أكن أعتقد بأن التحدث مع شخص ما سيجعلني أتحسن، لكن قلت لأجرب الأمر. كان للإرشاد النفسي دور كبير في تحسني. وقد بدأت الآن التواصل مع الآخرين والنظر لنفسي بشكل أفضل. صرت أخرج الآن، وأرتدي ملابس حسنة وأتطلع إلى جلساتي. أنا هنا لأني أود أن أستعيد حياتي.

nour.jpg

فريـال: ضاعت أموالنا في الحرب ولم يعد الحال كما كان أبدًا ثم زاد علينا بلاء الكورونا:

كانت أسرتي من الأثرياء في الحويجة، كان لدينا بيت كبير وسيارة حديثة. كان لزوجي تجارة ولديه مال كثير. عندما بدأت الحرب للمدينة فجروا جزءا من منزلنا واضطررنا للفرار، وعندما وصلنا إلى مخيم النازحين كنا نكاد نموت من التعب. كانت الحياة في المخيم صعبة فقد ظللنا هناك طوال عامين. كانت رياح العواصف قوية جدًا علينا، وكنا نعاني للحصول على الماء ودخول دورات المياه. ما أن فتحت السلطات باب العودة عدنا إلى منزلنا لنجد أن كل شيء ضاع ونُهِب.

كنا قد بدأنا في التعافي من الحرب، ثم ابتلينا بمصيبة أخرى وهي وباء الكورونا! أغلقوا كل شيء، وأصبح زوجي يبكي ويتساءل كيف يطعم أولادنا. عاد مرة أخرى للعمل بعد عدة أسابيع ولكن الحال لم يعد مثلما كان أبدًا.

أثرت الحرب والنزوح والحياة في المخيم على أبنائي تأثيرًا سلبيًا جدا. كلهم معتلون نفسيًا الآن، كلهم مكتئبون. بناتي يستيقظن في الليل ويبكين. بنتي الكبرى عصبية على الدوام، وتشعر بالغيرة عندما أهتم بأختها. بنتي الصغرى لا تستطيع حتى الآن الاختلاط مع الناس. وأولادي فاتهم قطار التعليم لا يستطيعون كسب العيش فأصبحوا يشعرون بالحزن. أشعر أنهم لا يستطيع التحرك للأمام. كل البيت يشعر بالاكتئاب.

fryal.jpg

مروة: انعزالي بسبب مرض الكورونا ليس أنانية:

تزوجت عندما كنت في الخامسة عشرة. وفقدت زوجي قبل 7 سنوات، إذ مات إثر طلق ناري بينما كان يجلس في حديقة بيتنا في الموصل. تركني وحيدة مع سبعة أطفال: 4 بنات و 3 بنين. أكبرهم عمره 14 سنة وأصغرهم عمره سبع سنوات. ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش مع والدَي زوجي.

قبل عشرة أيام بدأت أشعر أني لست على ما يرام. كنت أشعر أن جسمي بأكمله يؤلمني، إضافة إلى الحمى والسعال. كنت أخشى أني أصبت بفيروس كورونا، فقررت الذهاب إلى المستشفى لأحمي أطفالي من الإصابة لكن أقاربي عارضوا الأمر. ذهبت وتم إحالتي إلى مستشفى أطباء بلا حدود. كنت قلقة فعلاً ومنزعجة لأن أقاربي لاموني لترك أسرتي وأطفالي وظنوا أني اخترت دخول المستشفى فقط لأترك أطفالي وأتخلص من الواجبات المنزلية. لكن الواقع أني أريد حماية أطفالي وحماية أهل زوجي من المرض الذي أصابني، فأنا لست أنانية. (كانت تبكي وتقول أنه فصل حزين من حياتها، كونها أرملة وأم لسبعة أطفال والآن مريضة بكوفيد)

كان صعباً علي أن أترك أولادي وحدهم وأن أتعرض لانتقاد أقاربي، لكن الدعم الإيجابي من طاقم أطباء بلا حدود يساعدني كثيراً على البقاء هنا حتى نهاية العلاج، لأكون قدوة لكل أم ترعى أبناءها لوحدها.

سلمى: ما الأمل الذي تجده أرمله في هذا المجتمع

انا من قضاء الحويجة في كركوك. عندما بدأت عملية استعادة المنطقة من جماعة الدولة الإسلامية، نزحت أنا وعائلتي من الحويجة إلى مدينة كركوك. كان زوجي يعمل عاملاً للبناء بأجر يومي وتوفي في حادث أثناء عمله فأصبحت أرملة ولدي طفلين. كونك أرملة سيضع فوراً عددًا من القيود على حياتك. فكل القرارات تُتَخَذ من قبل عائلتك. علاوة على ذلك، تبدأ العائلة بالاستياء منك لأنك في أعينهم عبء عليهم. كان لدي الكثير من الأمل بوالدي لكنه الآن يكرهني هو أيضاً كما انه يكره أطفالي، وهذا يسحقني من الداخل.

طردني والدي من المنزل وأنا أعيش مع أخي الآن. إن وضع أخي المادي ليس جيداً ايضاً فهو يعمل كعامل بناء يومي لكن العمل نادر كما أن لديه زوجة وأطفال ليُعيلهم. يقتلني أنني أصبحت عبئا عليه أيضاً. لا يذهب أطفالي إلى المدرسة لأنني لا أستطيع تغطية تكاليف دراستهم. لا أستطيع النوم في الكثير من الليالي. أشعر بالشفقة على نفسي، وعلى وضعي وأنا في مزاج سيء دائمًا تقريباً. أنا غاضبة من الجميع، على أمي وأطفالي. وبعد الشجار اندم على الأشياء التي قلت وفعلت. لا أستطيع السيطره على نفسي.

تقول سلمى وهي تبكي: "أنا لا أؤمن بالأمل وليس لدي أي أمل. كيف يمكنني ذلك؟ لا شيء يعمل من أجلي. ليس لدي زوج ولا منزل ولا دعم للأسرة. على أي أساس يجب أن يكون لدي أمل في المستقبل؟".

harir.jpg

صلاح: أصبحت لا أريد أن أسمع الأخبار

"لقد سئمت الوضع برمته. لا أريد أن أعرف ما يتم الحديث عنه في نشرات الأخبار. أنا لا أستخدم الإنترنت حتى، لأنني لا أريد أن أسمع عما يحدث في البلد. فجميع الأخبار هي عن الصراعات والحروب فقط. فقد الناس منازلهم ومزارعهم ودخلهم وأحبائهم. في الوقت الحالي، يعاني الكثير من الناس من تدهور الوضع الاقتصادي مؤخراً حيث لا يمكنهم توفير جميع احتياجيات عائلاتهم. كل هذه الصعوبات تراكمت عليهم على مر السنين والآن تظهر عليهم تبعاتها النفسية. إن الناس في مرحلة لا يمكنك فيها حتى إجراء محادثة طبيعية مع شخص ما دون الانزعاج من بعضكما البعض. الأب لا يمكنه التحدث مع ابنه. العلاقات الأسرية محطمة. لا يمكنني التأكيد على هذا بما فيه الكفاية، الناس مدمرون نفسياً هنا في الحويجة. الناس هنا بحاجة للمساعدة."

حرير: كنت اقلق طول الوقت ثم صار عندي أمل

مات زوجي في الحرب. كنا نعيش في حي كان يشهد الكثير من القتال في الموصل. أصيب ابني، وماتت أختي ومات ابن أخي ومات ثلاثة من جيراننا. كان يوماً عصيباً لا يُنسى ذلك اليوم الذي فقدتهم فيه. شعرت أن حياتي قد انتهت، وبقيت في صدمة طيلة عامين. عندي ثلاثة أطفال وأنا الآن أقوم على رعايتهم وحدي. لذلك ينبغي علي أن أجد عملاً لأتمكن من رعايتهم.

كنت في حاجة ماسة إلى العمل، وليس لدي مؤهل دراسي، وعمي الذي كان يعطيني المال لم يعد بإمكانه فعل ذلك. كنت أطيل التفكير وأشعر بالتوتر الدائم ؛ كيف لي أن أنفق على أطفالي. وجدت فرصة عمل في مرفق يعالج مرضى كوفيد-19. كنت شديدة التوتر حينها، وكنت مترددة حيال قبول العمل أم لا. كما أن الناس حولي سينتقدونني إن خرجت للعمل وكنت أهتم لما يقوله الناس. في النهاية قررت أن أخوض المخاطرة وألا أستمع لهم. لم يهدأ لي بال عندما كنت أعمل، فقد كنت قلقة طوال الوقت من أن أصاب بالمرض وأن أنقله لأولادي أو لوالدي المسن. كنت مشوشة جداً لدرجة أنه تمت إحالتي إلى الدعم النفسي في أطباء بلا حدود.

تلقيت 4 جلسات حتى الآن خلال الأربعين يوماً الماضية. ساعدني ذلك كثيراً في استعادة ثقتي بنفسي. يشعر أبنائي الآن أن لديهم أماً يمكنهم الاعتماد إليها. كما أني أخطط لأستكمل تعليمي، لكن في وقت لاحق بعض الشيء. فالآن علي أن أسجل أولادي في المدارس. انتهى عقد عملي قبل 10 أيام وأبحث الآن عن عمل آخر. لا يهمني ما يقوله الناس في مجتمعي، أنه لا يجب علي كامرأة أن أخرج للعمل. سأضع كلامهم تحت قدميّ لأصبح أعلى، لا فوق كتفي فينكسر ظهري!

harir2.jpg

[1] تم استخدام أسماء مستعارة لجميع المرضى بناء على طلبهم