تمرير

اللاجئون في اليونان: الاحتجاز والعنف والفوضى

19 يوليو 2018
قصة
الدول ذات الصلة
اليونان
شارك
طباعة:

مع استمرار ارتفاع أعداد المهاجرين واللاجئين في جزيرة لسبوس اليونانية، يتدهور الوضع في مخيم موريا للاجئين نتيجة ازدياد الفوضى والصدامات وأعمال الشغب المتكرّرة، وحوادث العنف الجنسي وتدهور الحالة النفسية لآلاف الأشخاص العالقين في هذا المخيم.

يضمّ مخيم موريا حالياً أكثر من 8,000 شخص في مساحةٍ مخصصة لـ 3,000 شخص، ونتيجةً لذلك، يعيش الناس في ظروف سيئة للغاية إلى درجة تأثّر وضعهم الطبيّ والنفسي إلى درجةٍ كبيرة. وشهدت فرق منظمة أطباء بلا حدود في الأشهر القليلة الماضية تصاعد أعمال العنف بشكلٍ يومي في مخيم موريا، وعالجت ضحايا العنف الجنسي من داخل المخيم وجواره.

8,000 شخص في مساحةٍ مخصصة لـ 3,000 شخص | مرحاضٌ واحد لكلّ 72 شخصاً | حمّامٌ واحد لكلّ 84 شخصاً

يعود التوتّر الحاصل في جزءٍ كبيرٍ منه إلى الاكتظاظ السكاني وغياب ظروف العيش الإنسانية المحترمة، حيث يوجد مرحاضٌ واحد لكلّ 72 شخصاً وحمّامٌ واحد لكلّ 84 شخصاً في المنطقة الرئيسية من مخيم موريا وأوليف غروف، وهي نسبةٌ أدنى بكثير من المعايير الإنسانية القياسية في الحالات الطارئة.

msf237484.jpg

وتشعر منظمة أطباء بلا حدود بقلقٍ شديد من العواقب الخطيرة على الصحة النفسية لسكّان المخيم نتيجة انعدام الأمن، وغياب ظروف المعيشة الإنسانية وحالة الاحتجاز التي يعيشها الناس على مدى أشهر أو سنوات. وتستقبل عيادة الصحة النفسية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في جزيرة ميتيلني الحالات النفسية الأكثر حراجة فقط، وهي تعمل حالياً باستطاعتها القصوى.

وتقول جيوفانا بونفيني، مديرة أنشطة الصحة النفسية في عيادة ميتيلني: "تُعدّ التجارب الصادمة التي عاشها الناس السبب الرئيسي في تدهور حالتهم الصحية النفسية بشكلٍ كبير في جزيرة لسبوس، لأنّهم حاولوا الوصول إلى أوروبا للحصول على حقّ اللجوء والعيش الكريم، ولكنهم لم يجدوا سوى عكس ذلك، وكان نصيبهم المزيد من العنف وظروف المعيشة غير الإنسانية".

msf237473.jpg

وتضيف بونفيني: "في أحد الأيام أحضر أحد الأشخاص صديقه الذي تعرّض للاعتداء الجنسي إلى العيادة، وكان في حالة انهيارٍ نفسي تامّ، كما كان يعاني من اضطراب توتّر ما بعد الصدمة، والهلوسة، وعودة ذكرى ما حدث له، ويشعر بضجيج في رأسه، ولم يتوقّف عن البكاء طوال مدّة الجلسة التي استمرت ساعتين".

"يشعر هذا الشخص بالخوف من الظلام، وينتابه هلع دائم من التعرّض للاعتداء في مخيم موريا. وبدأ فريق العيادة بإعطائه الأدوية المناسبة كما يخضع لجلسات علاجٍ نفسيّ مكثّفة وهو ما أدّى إلى استقرار وضعه، ولكنّه لن يتحسّن كثيراً طالما أنّه يعيش في مخيم موريا، وسيبقى عالقاً في دائرة الياس والإحباط".

msf237460.jpg

msf237477.jpg

تستقبل منظمة أطباء بلا حدود حالياً ما يقارب 15-18 إحالة أسبوعياً من المنظمات غير الحكومية الأخرى لحالاتٍ تعاني من مشاكل صحية نفسية حادّة، ومن بينهم العديد من الأطفال. ولكنّ هذا العدد ليس سوى الجزء اليسير من الواقع، فهناك عددٌ أكبر من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية حرجة ولكننا لا نمتلك القدرة على علاجهم. ويعود ذلك إلى أنّ منظمة أطباء بلا حدود هي الجهة الوحيدة التي توفّر الرعاية الصحية النفسية التخصّصية لهذا العدد الكبير من الأشخاص المحتاجين.

تستقبل منظمة أطباء بلا حدود حالياً ما يقارب 15-18 إحالة أسبوعياً لحالاتٍ تعاني من مشاكل صحية نفسية حادّة

ويقول الدكتور أليساندرو باربيريو، وهو الأخصائيّ النفسي في عيادة ميتيلني: "غالبية هؤلاء الأشخاص هم من الوافدين الجدد الذين يعانون من أعراض ذُهانية تشمل الهلوسة والاضطرابات والتلبّك والضياع، إضافةً إلى ميول انتحارية شديدة أو محاولات انتحار سابقة".

ما يُثير قلقنا العميق أيضاً هو أنّنا نعرف من خلال جلسات العلاج النفسي الجماعي للأطفال أنّ كلاً من الأطفال غير المصحوبين بذويهم والذين يعيشون مع عائلاتهم في المخيم يعانون من الصدمات النفسية نتيجة عيشهم في المخيم وما يرافق ذلك من ظروف.

msf237459.jpg

msf237455.jpg

ويضيف الدكتور باربيريو: "استقبلنا في الأسابيع الأربعة الماضية عدداً متزايداً من الأطفال القاصرين الذين يعانون من نوبات هلعٍ حادّة، وميول انتحارية ومحاولات انتحار. وتُلقي ظروف العيش المروّعة والعنف اليومي في مخيم موريا بآثارها السيئة الشديدة على الصحة النفسية للمرضى، وتؤدّي إلى تفاقم الحالات الصحية النفسية التي يعانون منها".

msf237470.jpg

بناءً على ما سبق، تدعو منظمة أطباء بلا حدود إلى نقل السكان الضعفاء من مخيم موريا إلى أماكن إقامة آمنة، وتجدّد دعوتها إلى العمل على خفض الاكتظاظ السكاني في المخيم. وعلاوةً على ذلك، تُصرّ المنظمة على وضع حدٍّ لسياسات الاحتجاز، وتدعو الاتحاد الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء إلى الإسراع في توفير الأمن والخدمات الصحية لسكّان المخيم.

حسب خبرتنا، لن تكون سياسة الردع الناجمة عن الاتفاقية بين تركيا والاتحاد الأوروبي ذات أثر فعال، لأنّ الناس سيتسمرون بالهرب من مناطق الحرب والرعب لكي ينجوا بحياتهم، كما أنّ احتجاز هؤلاء الناس العاجزين تماماً في ظروف مروّعة وغير آمنة هو ببساطة مفاقمةٌ للصدمات التي يعانون منها أصلاً.

جميع الصور بعدسة روبين هاموند